اشارات الاعجاز | وَاِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النّاسُ قا | 120
(117-121)

رؤوس الأشهاد، ولاستشهاد فكر العموم على سفاهتهم. وأصل معنى ﴿ألا﴾ ألا تعلمون انهم سفهاء؟ أي: فاعلموا.. ثم ان (انّ) مرآة الحقيقة ووسيلة اليها كأنه يقول: راجعوا الحقيقة لتعلموا ان سفسطتهم الظاهرية لا أصل لها. ثم لفظ (هم) للحصر لرد تبرئة أنفسهم، ودفع تسفيههم للمؤمنين الذي اشاروا اليه بـ﴿كما آمن السفهاء﴾ أي ان السفيه مَن ترك الآخرة بالغرور والغرض واللذة الفانية دون من أشترى الباقي بترك الهوسات(1) الفانية. ثم ان الألف واللام في (السفهاء) لتعريف الحكم أي معلوم انهم سفهاء. وللكمال أي كمال السفاهة فيهم.
أما ﴿ولكن لايعلمون﴾ ففيه اشارات ثلاث:
احداها:
ان تمييز الحق عن الباطل وتفريق مسلك المؤمنين عن مسلكهم محتاج الى نظر وعلم، بخلاف افسادهم وفتنتهم، فانه ظاهر يحس به مَن له أدنى شعور. ولهذا ذيّل الآية الأولى بـ﴿ولكن لا يشعرون﴾.
والثانية:
ان ﴿لايعلمون﴾ وأمثالها من فواصل الآيات من ﴿لايعقلون﴾ و ﴿لايتفكرون﴾ و ﴿لايتذكرون﴾ وغيرها تشير الى ان الاسلامية مؤسسة على العقل والحكمة والعلم. فمن شأنها ان يقبلها كل عقل سليم لا كسائر الأديان المبنية على التقليد والتعصب. ففي هذه الاشارة بشارة كما ذكرت في موضع آخر.
والثالثة:
الإعراض عنهم وعدم الاهتمام بهم، اذ النصيحة لا تجديهم، اذ لايعلمون جهلَهم حتى يتحرّوا زوالَه.

-------------

(1) الهوس: طرف من الجنون وخفة العقل والمقصود هنا الاغراض النفسية وامانيها.

لايوجد صوت