الحجة الزهراء | المقام الاول | 55
(1-94)

والحيوانات. فنظر الى العالم بمنظار الحكمة الطبيعية غير المستلهمة الحياة والروح من الدين، فرأى :
ان حاجات غير محدودة لذوي حياة لايحصون، واعداء غير محدودين محيطون بهم يؤذونهم ويلحقون بهم اضراراً جسيمة في حوادث قاسية لارحمة فيها وهم لايملكون من رأس المال الاّ واحداً من ألفٍ بل واحداً من مائة ألف ازاء تلك الحاجات. وليس في اقتدارهم تجاه تلك الامور والاشياء المضرة الاّ واحد من مليون! فتألم السائح امام هذه الحالة التي تثير الرثاء والرهبة والألم - لما يحمل الانسان من علاقات الرقة الجنسية والشفقة النوعية والعقل - وتألم لحالهم ألماً شديداً وحزن عليهم حزناً يشعره بآلام اليأس كالعذاب الشديد في جهنم، فندم ألف ندم على دخوله هذا العالم الحزين النكد.
واذ هو يكابد هذه الآلام ويعاني منها مايعاني اذا بحكمة القرآن الكريم تمدّه وتسعفه، مسلّمة له منظار ﴿الذين انعمت عليهم﴾ قائلة له : أنظر.. فنظر ورأى:
ان كل اسم من اسماء الله الحسنى امثال : الرحمن ، الرحيم، الرزاق، المنعم، الكريم، الحفيظ، قد اشرق كالشمس الساطعة، وذلك بتجلي ﴿الله نور السموات والارض﴾ عند بروج الآيات الكريمة :
﴿ما من دابة الاّ هو آخذ بناصيتها﴾ (هود: 56)
﴿وكأيّن من دابة لاتحمل رزقها الله يرزقها وإياكم﴾ (العنكبوت:60)
﴿ولقد كرّمنا بنى آدم﴾ (الاسراء:70)
﴿ان الابرار لفى نعيم﴾ (الانفطار:13)
فأنغمرت دنيا الانسان والحيوان بتلك الرحمة السابغة والاحسان العميم حتى كأنها تحولت الى جنة موقتة. فعلم السائح ان هذه الدنيا بما فيها تعرّف تعريفاً جيداً المضيّف الكريم لهذا المضيف الجميل الجدير بالمشاهدة، الملئ بالعبر، فحمد الله سبحانه ألف حمد قائلا: الحمد لله

لايوجد صوت