الكتابة، فيكتب مايعنّ له بنية خالصة، ويطبق قوانين البلاغة ودساتير علوم العربية، لم استطع ان اقدح في اي موضع منه، اذ ربما يجعل الباري عز وجل هذا المؤلَّف كفارة لذنوبه ويبعث رجالاً يستطيعون فهم هذا التفسير حق الفهم.
ولولا موانع الحرب العالمية، فقد كانت النيّة تتجه الى ان يكون هذا الجزء وقفاً على توضيح الاعجاز النظمي من وجوه اعجاز القرآن ، وان تكون الاجزاء الباقية كل واحد منها وقفاً على سائر اوجه الاعجاز.
ولو ضمت الاجزاء الباقية حقائقَ التفسير المتفرقة في الرسائل لأصبح تفسيراً بديعاً جامعاً للقرآن المعجز البيان .
ولعل الله يبعث هيئة سعيدة من المنورين تجعل من هذا الجزء ومن (الكلمات) و(لمكتوبات) الست والستين، بل المائة والثلاثين من اجزاء رسائل النور مصدراً، وتكتب في ضوئه تفسيراً من هذا القبيل.()
سعيد النورسي
() ان هذا التفسير القيم بين دفتيه نكاتٍ(1) بلاغية دقيقة، قد لايفهمها كثير من القراء، ولايعيرون لها اهتمامهم، ولاسيما ما جاء ضمن الآيتين اللتين تصفان حال الكفار والآيات الأثنتى عشرة الخاصة بالمنافقين.
ان ذكر نكات دقيقة في تلك الآيات والاقتصار على بيان دقائق دلالات الفاظها وبدائع اشاراتها باهتمام بالغ، من دون تفصيل لماهية الكفر، مع تطرق يسير الى الشبهات التي يلتزمها المنافقون - خلافاً
-----------------------
(1) النكتة: هى مسألة لطيفة اُخرجت بدقة نظر وإمعان فكر، وسميت المسألة الدقيقة نكتة لتأثير الخواطر في استنباطها - (التعريفات للجرجاني).