الذي لاتصير نتيجةُ الاجتهاد شرعاً ودستوراً الاّ بتصديقه وسكّته(2)؛ كذلك لابد لكشف معاني القرآن وجمع المحاسن المتفرقة في التفاسير وتثبيت حقائقه - المتجلية بكشف الفن(3) وتمخيض الزمان - من انتهاض هيئة عالية من العلماء المتخصصين، المختلفين في وجوه الاختصاص، ولهم مع دقةِ نظر وُسْعةُ(4) فكرٍ لتفسيره.
نتيجة المرام :
انه لابد ان يكون مفسر القرآن ذا دهاء عال واجتهاد نافذ وولاية كاملة. وماهو الآن إلاّ (الشخص المعنوي) المتولد من امتزاج الارواح وتساندها وتلاحق الافكار وتعاونها وتظافر القلوب واخلاصها وصميميتها، من بين تلك الهيئة. فبسر (للكل حكمٌ ليس لكلٍ) كثيراً مايُرى آثارُ الاجتهاد وخاصةُ الولاية، ونورُه وضياؤها(5)، من جماعة خَلَتْ منها افرادُها.
ثم اني بينما كنت منتظراً ومتوجهاً لهذا المقصد بتظاهر هيئة كذلك - وقد كان هذا غاية خيالي من زمان مديد - اذ سنح لقلبي من قبيل الحس قبل الوقوع تقرّب زلزلة عظيمة(1)، فشرعتُ - مع عجزي وقصوري والاغلاق في كلامي - في تقييد ما سنح لي من اشارات اعجاز القرآن في نظمه وبيان بعض حقائقه، ولم يتيسر لي مراجعة التفاسير. فان وافقها فبِها ونِعْمَتْ والاّ فالعُهدة عليّ.
---------------
(2) سكة: شارة الدولة الموضوعة على مسكوكاتها.
(3) العلم الحديث.
(4) وُسعة واتساع وسعة بمعنى الطاقة والقدرة.
(5) نور الاجتهاد وضياء الولاية.
(1) لقد اخبرنا مراراً في اثناء الدرس وقوع زلزلة عظيمة (بمعنى الحرب العمومية فوقعت كما اخبرنا). حمزة. محمد شفيق. محمد مهرى. (هؤلاء من تلاميذ المؤلف).