اشارات الاعجاز | اُولئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَاُولئِكَ هُم | 79
(76-80)

وذلك مكرّم.
واما ضمير الفصل فمع انه تأكيد الحصر الذي فيه تعريض بأهل الكتاب الذين لم يؤمنوا بالنبيّ عليه السلام، فيه نكتة لطيفة وهي: ان توسط ﴿هم﴾ بين المبتدأ والخبر من شأنه أن يحول المبتدأ للخبر الواحد موضوعاً لاحكام كثيرة يُذكَر البعضُ ويُحال الباقية على الخيال؛ لان ﴿هم﴾ ينَبِّه الخيال على عدم التحديد ويشوّقه على تحري الاحكام المناسبة. فكما انك تضع زيداً بين عيني السامع فتأخذ تغزل منه الاحكام قائلا: هو عالم، هو عامل، هو كذا وكذا. ثم تقول قس! كذلك لما قال ﴿اولئك﴾ ثم جاء ﴿هم﴾ هيّج الخيال لان يجتني ويبتني بواسطة الضمير أحكاماً مناسبة لصفاتهم،كـ: اولئك هم على هدى.. هم مفلحون.. هم فائزون من النار.. هم فائزون بالجنة.. هم ظافرون برؤية جمال الله تعالى الى آخره.
وأما الألف واللام فلتصوير الحقيقة.كأنه يقول: ان أحببت أن ترى حقيقة المفلحين، فانظر في مرآة ﴿اولئك﴾ لتمثل لك.. أو لتمييز ذواتهم، كأنه يقول: الذين سمعت أنهم من أهل الفلاح ان أردت ان تعرفهم فعليك بـ﴿اولئك﴾ فهم هم.. او لظهور الحكم وبداهته نظير (والده العبد) اذ كون والده عبداً معلوم ظاهر..
وأما إطلاق (مفلحون) فللتعميم؛ اذ مخاطب القرآن على طبقات مطالبهم مختلفة. فبعضهم يطلب الفوز من النار.. وبعض إنما يقصد الفوز بالجنة.. وبعض انما يتحرى الرضاء الالهي.. وبعض مايحب الا رؤية جماله.. وهلم جرّا.. فاطلق هنا لتعم مائدة احسانه فيجتني كلٌّ مشتهاه.

لايوجد صوت