لَيقول فليكن ما كان، ويأخذ في النشر ولا يبالي.
ومنها: ان التعبير بـ﴿الناس﴾ يشير الى انه مع قطع النظر عن سائر الصفات المنافية للنفاق فأعمّ الصفات أعني: الانسانية أيضاً منافية له؛ اذ الانسان مكرم ليس من شأنه هذه الرَذالة.
ومنها: انه رمز الى ان النفاق لا يختص بطائفة ولا طبقة بل يوجد في نوع الانسان أية طائفة كانت.
ومنها: انه يُلَوِّح بان النفاق يخلّ بحيثية كل من كان انساناً فلابد ان يتحرك غضب الكل عليه، ويتوجه الكل الى تحديده، لئلا ينتشر ذلك السمّ؛ كما يخلّ بناموس طائفة ويهيِّج غضبهم شناعةُ فرد منهم.
وأما ﴿مَن يقول آمنا﴾
فان قلت: لِمَ افرد (يقول) وجمع (آمنا) مع ان المرجع واحد؟
قيل لك: فيه اشارة الى لطافة ظريفة هي:
اظهار ان المتكلم مع الغير متكلم وحده فـ (يقول): للتلفظ وحده و(آمنا) لأنه مع الغير في الحكم.. ثم ان هذا حكاية عن دعواهم ففي صورة الحكاية اشارة الى رد المحكيّ بوجهين، كما ان في المحكيّ اشارة الى قوته بجهتين؛ اذ (يقول) يرمز بمادته الى ان قولهم ليس عن اعتقاد وفعل، بل يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم.. وبصيغته يومئ الى ان سبب استمرار مدافعتهم وادعائهم مراآة الناس لامحرك وجداني.. وفي الدعوى ايماء منهم بصيغة الماضي الى: (إنّا معاشر أهل الكتاب قد آمنا قبل فكيف لانؤمن الآن).. وفي لفظ (نا) رمز منهم الى: (انّا جماعة متحزبون لسنا كفرد يَكذِب أو يُكذَّب).
وأما ﴿بالله وباليوم الآخر﴾ فاعلم! ان للتنزيل ان يأخذ المحكيّ بعينه، أو يتصرف فيه بأخذ مآله، أو تلخيص عبارته: فعلى الأول ذكروا الأول والآخر من أركان الايمان اظهاراً للقوي، ولما هو أقرب لأن يُقبَل منهم، وأشاروا الى سلسلة الأركان بتكرار الباء مع القرب. وعلى الثاني بأن يكون كلامه تعالى؛ ففي ذكر القطبين فقط اشارة الى