اشارات الاعجاز | واِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا امَنَّا وَا | 123
(122-127)

الالتجاء الى ظهير ومستند، أشار اليه بلفظ ﴿الى شياطينهم﴾..
ثم لما كان النفاق جهلا تردديا انتج تذبذب الطبيعة وهو عدم الثبات وهو عدم المسلك وهو عدم الأمنية بهم وهو يجبرهم على تجديد عهدهم، أشار الى هذه السلسلة بلفظ ﴿قالوا إنّا معكم﴾..
ثم لما احتاجوا الى الاعتذار استخفّوا بالحقيقة لخفتهم، ورخّصوا غالي القيمة لعدم قيمتهم، وأهانوا بالعالي لهون نفسهم وضعفها الذي ينشأ منه الغرور فقال: ﴿قالوا انما نحن مستهزؤن﴾..
ثم بينما كان السامع منتظراً من انصباب الكلام مقابلةَ المؤمنين لهم رأى ان الله قابلهم بدلاً عن المؤمنين اشارة الى تشريفهم، ورمزاً الى ان استهزاءهم في مقابلة جزاء الله تعالى كالعدم، وايماءً الى حمقهم وزجرهم وردهم؛ اذ كيف يُستَهْزأُ بمن كان الله حاميه؟ فقال تعالى: ﴿الله يستهزئُ بهم﴾ أي يعاقبهم على استهزائهم أشد جزاء بصورة استخفاف وتهكمٍ بهم في الدنيا والآخرة مع الاستمرار التجدديّ.. وجملة ﴿ويمدهم في طغيانهم يعمهون﴾ كشف وتفصيل وتصوير لجزاء استهزائهم بطرز الاستهزاء.
أما وجه نظم هيئات كل جملة جملة:
فاعلم! ان جملة ﴿اذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا﴾ التي سيقت في مداهنتهم؛ قطعية ﴿اذا﴾ فيها ايماءٌ الى الجزم والتعمد والقصد، أي عزموا بعمد وقصد ملاقاتهم.. ولفظ ﴿لقوا﴾ ايماء الى انهم تعمدوا مصادفتهم في الطرق بين ظهراني الناس.. ولفظ ﴿الذين امنوا﴾ بدل (المؤمنين) اشارة الى مباشرتهم معهم وتماسهم بهم، والى ان ارتباطهم معهم بصفة الايمان، والى ان مدار النظر بين أوصاف المؤمنين صفة الايمان فقط.. ولفظ ﴿قالوا﴾ تلويح الى انهم يقولون بأفواههم ماليس في قلوبهم، وان قولهم للتصنع والرياء والمداهنة ودفع التهمة والحرص على جلب منافع المؤمنين والاطلاع على أسرارهم.. ولفظ ﴿آمنا﴾ بلا تأكيد مع اقتضاء المقام اياه، وبايراده جملة فعلية، اشارة الى ان ليس في قلوبهم مشوق وعشق محرك ليتشددوا

لايوجد صوت