اشارات الاعجاز | مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَل | 146
(131-154)

ثم ان في المشبَّه به نقطاً أساسية تناظر النقط الأساسية في المشبه. مثلا: الظلمة تنظر الى الكفر، والحيرة الى التذبذب، والنار الى الفتنة. وقس!..

 ان قلت: ان في التمثيل نوراً فأين نور المنافق حتى يتم تطبيق التمثيل؟.
قيل لك: ان لم يكن في الشخص نور ففي محيطه يمكن له الاستنارة.. وان لم، ففي قومه يمكن الاستضاءة.. وان لم، ففي نوعه يمكن له الاستفادة.. وان لم، ففي فطرته كان يمكن له الاستفاضة كما مر.. وان لم تقنع، ففي لسانه بالنظر الى نظر غيره أو بالنظر الى نفسه لترتب المنافع الدنيوية.. وان لم، فباعتبار البعض من الذين آمنوا ثم ارتدوا.. وان لم، فيجوز ان يكون النور اشارة الى ما استفادوا كما ان النار اشارة الى الفتنة.. وان لم ترض بهذا أيضاً، فبتنزيل امكان الهداية منزلة وجودها كما أشار اليه ﴿اشتروا الضلالة بالهدى﴾ فانه هو الجار الجنب للتمثيل.
أما وجه النظم بين الجمل: فاعلم! ان نظم جملة ﴿مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً﴾ مناسبتُها للموقع.
نعم، حال هذا المستوقد على هذه الصورة تطابق مقتضى حال الصفّ الأول من مخاطبي القرآن الكريم وهم ساكنو جزيرة العرب؛ اذ ما منهم الا وقد عرف هذه الحالة بالذات أو بالتسامع ويحس(1) بدرجة تأثيرها ومشوشيتها؛ اذ بسبب ظلم الشمس يلتجئون الى ظلمة الليل فيسيرون فيها. وكثيراً مايغمى عليهم السماء فيصادفون حزن الطرق وقد ينجر بهم الطريق الى الورطة.. وأيضاً قد يجولون في معاطف الكهوف المشحونة بالمؤذيات فيضلون الطريق فيحتاجون لإيقاد النار أو اشتعال المصباح ليبصروا رفقاءهم حتى يستأنسوا

-------------------

(1) وأحسّ (ش).

لايوجد صوت