حقانيته. ألا ترى انه عليه السلام كيف كان حاله في أمثال واقعة الغار التي انقطع - بحسب العادة - أمل الخلاص، يقول بكمال الوثوق والاطمئنان والجدية ﴿لاتَحْزَنْ اِن الله مَعَنَا﴾(سورة التوبة:40)!. فكما ان ابتداءه بالحركة - بلا مبالاة لمعارض وبلا خوف وتردد مع كمال الاطمئنان - يدل على تمسكه بالصدق؛ كذلك تأسيسه بانتهاء حركاته - لقواعد هي الأساس لسعادة الدارين - واصابته للحق واتصاله بالحقيقة دليل على حقانيته، فهذا فرداً فرداً. وأما اذا نظرت الى مجموع حركاته واحواله يتجلى لعينك برهانُ نبوّته كالبرق اللامع. فتبصّر!..
المسألة الثالثة:
اعلم! ان الزمان الماضي والحال - أي عصر السعادة - والاستقبال اتفقت على تصديق نبوّته كما ان ذاته دليل على نبوّته. ولنطالع هذه الصحف الأربع:
فأولاً: نتبرك بمطالعة ذاته عليه السلام. ولابد أوّلاً من تصوّر أربع نكت:
إحداها: انه (ليس الكحلُ كالتكحّل) أي لايصل الصنعيُ والتصنعيُ - ولو كانا على أكمل الوجوه - مرتبة الطبيعيّ والفطريّ ولا يقوم مقامه، بل فلتاتُ غلطاتِ هيئةِ حركةِ الصنعي تومئ بمزخرفيته.
والثانية: ان الاخلاق العالية انما تتصل بأرض الحقيقة بالجدية، وان ادامة حياتها وانتظام مجموعها انما هي بالصدق. ولو ارتفع الصدق من بينها صارت كهشيم تذروه الرياح.
والثالثة: هي انه كما يوجد الميل والجذب في الأمور المتناسبة، كذلك يوجد الدفع والتنافر في الأمور المتضادة.
والرابعة: هي (ان للكلِّ حكماً ليس لكلٍ) كقوّة الحبل مع ضعف خيوطه..
واذا تفطنت لهذه النكت فاعلم! ان آثار محمّد عليه الصلاة والسلام