اشارات الاعجاز | وَإنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى | 195
(192-221)

ضعيفة. فكيف بمن له حيثية في غاية العظمة.. وفي دعوى في غاية الجلالة.. في قوم في غاية الكثرة.. في مقابلة عناد في غاية الشدة مع انه اميّ لم يقرأ.. يبحث عن أمور لا يستقل فيها العقل ويظهرها بكمال الجدية، ويعلنها على رؤوس الأشهاد. أفلا يدل هذا على صدقه وانه ليس منه بل من الله؟
الثالثة: هي ان كثيراً من العلوم المتعارفة عند المدَنيين - بِتعليم العادات والأحوال وتلقين الوقوعات والأفعال - مجهولة نظريةٌ عند البدويين. فبناء علىه لابد لمن يحاكم ويتحرى حال البدويين - لا سيما في القرون الخالية - ان يفرض نفسه في تلك البادية.
الرابعة: هي انه لو ناظر اميّ علماء فن - ولو فن الصرف - ثم بيّن رأيه في مسائله مصدِّقاً في مظان الاتفاق، ومصحِّحاً في مطارح الاختلاف؛ افلا يدلك ذلك على تفوقه، وأن علمه وهبي؟.
اذا عرفت هذه النكت: فاعلم! ان محمّداً العربيّ عليه السلام مع اميّته قصّ علينا بلسان القرآن الكريم قصَصَ الاولين والانبياء قصةَ مَنْ حضر وشاهد، وبيّن أحوالهم وشرح أسرارهم على رؤوس العالم في دعوى عظيمة تجلب اليها دقة الأذكياء. وقد قص بلا مبالاة، وأخذ العقد الحياتية فيها واساساتها مقَدَّمة لمدّعاه، مصدِّقاً فيما اتفقت عليه الكتب السالفة، ومصحِّحا فيما اختلفت فيه. كأنه بالروح الجوّال المعكس للوحي الالهي طيّ الزمانَ والمكانَ، فتداخل في اعماق الماضي فبيّن كأنه مشاهد. فثبت ان حاله هذه دليل نبّوته وإحدى معجزاته. فمجموع دلائل نبوّة الأنبياء في حكم دليل معنوي له، وجميع معجزات الانبياء في حكم معجزة معنوية له.
المسألة الخامسة:
في بيان صحيفة عصر السعادة لا سيما مسألة جزيرة العرب. فها هنا أيضاً أربع نكت:
احداها: انك اذا تأملت في العالم ترى انه قد يتعسر ويستشكل رفع عادة ولو حقيرة في قوم ولو قليلين. أو خصلة ولو ضعيفة..

لايوجد صوت