اشارات الاعجاز | وَإنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى | 220
(192-221)

الترهيب والتهديد(1).
أما ﴿ان لم تفعلوا﴾ الماضي بالنظر إلى (لم) والمستقبل بالقياس إلى (ان) فلتوجيه الذهن إلى ماضيهم كأنه يقول لهم: (أنظروا إلى خطبكم المزيّنة ومعلقاتكم المذهّبة أتساويه أو تدانيه أو تقع قريبا منه؟).
وإيثار ﴿تفعلوا﴾ على (تأتوا) لنكتتين:
احداهما: الايماء الى ان منشأ الاعجاز عجزُهم ومنشأ العجز الفعل لا الأثر.
والثانية: الايجاز، اذ (فعل) كما انه في الصرف ميزان الأفعال وجنسها؛ كذلك في الأساليب مصدر الأعمال وملخص القصص كأنه ضمير الجمل كناية عنها.
أما ﴿ولن تفعلوا﴾ فاعلم! ان التأكيد والتأبيد في ﴿لن﴾ ايماء الى القطعية وهي اشارة الى ان القائل مطمئن جدّي، لاريب له في الحكم. وهذا رمز الى ان لا حيلة.. أما ﴿فاتقوا﴾بدل (تجنبوا) فللايماء الى ما ناب عنه الجزاء من آمنوا واتقوا الشرك الذي هو سبب دخول النار.. أما تعريف ﴿النار﴾ فللعهد أي النار التي عهدت واستقرت في أذهان البشر بالتسامع عن الأنبياء من آدم الى الآن.. وأما توصيفها بـ﴿التي﴾ الموصولة مع ان من شأنها ان تكون معلومة اوّلاً، فلأجل نزول ﴿ناراً وقودها الناس والحجارة﴾(سورة التحريم:6) قبل هذه الآية فالمخاطبون قد سمعوا تلك، فالموصولية في موقعها.. وأما ﴿وقودها الناس والحجارة﴾ فالغرض كما مر آنفاً الترهيب، والترهيب يؤكد بالتهويل والتشديد فهوّل بلفظ (الناس) كما قرع به، وشدد (بالحجارة) كما وبخ بها. أي ماترجون منه النفع والنجاة وهو الاصنام يصير آلة لتعذيبكم.
واما جملة ﴿اعدت للكافرين﴾ فاعلم! ان الموضع موضع (اعدت لكم) لكن القرآن يذكر الفذلكة والقاعدة الكلية في الأغلب في آخر الآيات ليشير الى كبرى دليل الحكم؛ اذ اصل الكلام: (اعدت لكم ان كفرتم لأنها اعدّت للكافرين). فلهذا اقيم المظهر مقام المضمر.. وأما ماضية ﴿اعدّت﴾ فاشارة كما مر الى وجود جهنم الآن.

-------------------

(1) قد استعمل المنطق هنا استعمالاً حسناً - المؤلف.

لايوجد صوت