اشارات الاعجاز | وَإنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى | 218
(192-221)

عجز البشر عن معارضة أقصر سورة اِنِيّتُهُ بديهية. واما لمِيَّتُهُ فقيل هي: ان الله تعالى صرف القوى عن المعارضة. والمذهب الأصح في اللِّمِيَّة ما عليه عبدالقاهر الجرجاني والزمخشري والسكاكي. وهو : ان قدرة البشر لا تصل الى درجة نظمه العالي. ثم ان السكاكي اختار ان الاعجاز ذوقي لايعبر عنه ولايشرح بل يذاق ذوقا. وأما صاحب دلائل الاعجاز فاختار انه يمكن التعبير عنه. ونحن على مذهبه في هذا البيان.
وايثار ﴿سورة﴾ على نجم أو طائفة أو نوبة اشارة الى الزامهم في منشأ شبهتهم وهي: لولا انزل عليه دفعة واحدة؟ أي فهاتوا انتم ولو بنوبة فذة.. وأيضاً ايماء الى تضمن تسوير التنزيل سورة سورة لفوائد جمة بيّنها الزمخشري، والى تضمن هذا الاسلوب الغريب للطائف.. ولفظ ﴿من مثله﴾ فيه معنيان أي بمثل المنزَل، أو من مثل المنزل عليه. اعلم! ان حق العبارة على الأول (مثل سورة منه) لكن عدل الى ﴿من مثله﴾للايماء الى ملاحظة الاحتمال الثاني، أي انما تكون معارضتكم مبطلة لدعواه لو جاءت من مثله في عدم التعلم.. وكذا اشارة الى ان المعارضة انما تبطل الاعجاز لو كان المعارض به من مجموع مثل.. وكذا رمز الى توجيه الاذهان الى امثال القرآن في النزول من الكتب السماوية ليوازن ذهن السامع بينها فيتفطن لعلوه.
وان جملة ﴿وادعوا شهداءكم من دون الله﴾ ايثار (ادعوا) فيها على (استعينوا) او (استمدوا) ايماء الى ان من يلبيهم ويذبّ عنهم لايفقدهم بل حاضر لا يحتاجون الا الى ندائه.. ولفظ (شهداء) جامع لثلاثة معان: اي كبراءكم في الفصاحة.. ومن يشهد لكم.. وآلهتكم. فنظراً الى الأول إلزام لهم، يقطع تحججهم بان عدم قدرتنا لايدل على عدم قدرة كبرائنا. ونظراً إلى الثاني افحام لهم، يقطع تعللهم بأن ليس لنا شهداء بانه لا مسلك الاّ له ذابون وشهداء. ونظراً الى الثالث تبكيت لهم وتهكم بهم بان الآلهة التي ترجون منها النفع ودفع الضر كيف لاتعينكم في هذا الأمر الذي يهمّكم؟.. واضافة (شهداء) الى (كم) المفيدة للاختصاص تقوي عضد المعنى الأول: بان الكبراء حاضرون

لايوجد صوت