فان قلت: ما في جوف الأرض ومظروفها صغير فكيف تسع جهنم التي تسع السموات والارض؟
قيل لك: نعم باعتبار المِلك والمطويتية وان كانت مظروفة للأرض لكن بالنظر الى العالم الأُخروي بالغة في العظمة الى درجة تسع الُوفا من أمثال هذه الأرض. بل ان عالم الشهادة كحجاب مانعٍ لارتباط تلك النار بسائر أغصانها. فما في جوف الأرض الاّ مركزها وسرّها أو قلب عفريتها. وأيضاً لا تستلزم التحتية اتصالها بالأرض، اذ شجرةُ الخلقةِ اثمرتْ أغصانُها الشمسَ والقمرَ والنجومَ وأرضَنا وأرضينَ أخرى. فما تحت الثمرة يشمل ما بينَ الأغصان اين كان. فمُلك الله تعالى واسع، وشجرة الخلقة منتشرة فأينَ سافرتْ جهنمُ لا تُرَدُّ. وفي حديثٍ (اِنَّ جَهَنَّمَ مَطْوِيَّةٌ) فيمكن ان تكون بيضة لأرضنا الطيارة متى يمتزق حجاب الملك ينفتق تلك البيضة وتتظاهر هي كاشرةً أسنانَها لأهلِ العصيان. ويحتمل ان ماشبط(2) أهل الاعتزال وأوقعهم في الغلط بعدم وجودها الآن انما هو هذه المطويتية.
وأما نظم هيئاتِ وقيودِ جملة جملة:
فاعلم! ان جملة ﴿وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا﴾ الواو فيها بناء على المناسبة بين المتعاطفين تومئ الى: تقدير (كما علّمكم القرآن).. وايراد ﴿اِنْ﴾ الترددية في موضع (اذا) التي هي للقطع مع ان ريبهم مجزوم به اشارة الى انه لأجل ظهور أسباب زوال الريب شأنه ان يكون مشكوك الوجود بل من المحال يفرض فرضا. ثم ان الشك في ﴿إنْ﴾ بالنظر الى الاسلوب لا بالقياس الى المتكلم تعالى.. وايراد ﴿كنتم في ريب﴾ بدل ارتبتم مع انه اقصر اشارة الى ان منشأ الريب طبعهم المريض وكونهم. وظرفية الريب لهم مع انه مظروف لقلبهم ايماء الى ان ظلمة الريب انتشرت من القلب فاستولت على القالب، فاظلم عليه الطرق.. وتنكير ﴿ريب﴾ للتعميم أي: أيّ نوع من أنواع
---------------
(2) الاظهر: شيط.