اشارات الاعجاز | وَإنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى | 213
(192-221)

تحت الكل وهو باطل بالاتفاق. فما هو الا فوق الكل.
والوجه الثاني: ان القطع والجزم بعدم فعلهم مع التقريع عليهم وتحريك أعصابهم في هذا المقام المشكل وفي هذه الدعوى العظيمة علامة صادقة على انه واثق امين مطمئن بماله ومقاله.
والوجه الثالث: ان القرآن كأنه يقول: اذا كنتم امراء الفصاحة وأشد الناس احتياجاً اليها ولم تقتدروا لم يقتدر عليه البشر. وكذا فيه اشارة الى ان نتيجة القرآن التي هي الاسلامية كما لم يقتدر على نظيرها الزمان الماضي؛ كذا يعجز عن مثلها الزمان المستقبل.
وأما نظم ﴿فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة﴾ فاعلم! ان تعقيب (ان لم تفعلوا) بـ(فاتقوا) يقتضي في ذوق البلاغة تقديراً هكذا: ان لم تفعلوا ولن.. ظهر انه معجز، فهو كلام الله، فوجب عليكم الايمان به وامتثال أوامره... ومن الأوامر يا ايها الناس اعبدوا لتتقوا النار فاتقوا النار. فاوجز فاعجز.
وأما نظم ﴿التي وقودها الناس والحجارة﴾ فاعلم! ان المقصد من ﴿فاتقوا﴾ هو الترهيب، ومعنى الترهيب انما يؤكد بالتهويل والتشديد فهوّله بـ﴿وقودها الناس﴾ اذ النار التي حطبها كان انسانا أخوف وأدهش.. ثم شدده بعطف الحجارة؛ اذ ما تحرق الحجرَ أشد تأثيراً.. ثم أشار الى الزجر عن عبادة الأصنام: أي لو لم تتمثلوا أمر الله، وعبدتم أحجاراً لدخلتم ناراً تأكل العُبّاد ومعبوداتهم.
وأما نظم ﴿اعدت للكافرين﴾ فهو انها توضيح وتقرير لزوم جزاء الشرط لفعله: أي هذه المصيبة ليست كالطوفان وسائر المصائب التي لاتصيب الظالمين خاصة بل تعم الأبرار والأخيار؛ فانما هذه تختص بالجانين يجرّها الكفرُ لاسبيل للنجاة الا امتثال القرآن.
ثم اعلم! ان ﴿اُعدّت﴾ اشارة الى ان جهنم مخلوقة موجودة الآن لا كما زعمت المعتزلة.. ثم ان مما يدلك ويفيد حدسا لك على أبدية جهنم انك اذا تفكرت في العالم بنظر الحكمة ترى النار مخلوقة عظيمة

لايوجد صوت