اشارات الاعجاز | اِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيي اَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما | 247
(235-248)

ذور استعدادات وقابليات تسقى وتتزاهر بالجزء الاختياريّ المعدَّل بالأمر التشريعيّ، أي الدلائل النقلية. فوفاء العهد صرف الاستعدادات فيما وضعت له؛ ونقض العهد خلافه وتفريقه، كالايمان ببعض الأنبياء وتكذيب بعض.. وقبول بعض الأحكام ورد بعض.. واستحسان بعض الآيات واستنكار بعض .. فانه يخل بالنظام والنظم والانتظام.
وأما جملة ﴿ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل﴾ فاعلم! ان هذا الأمر عام للأمر التشريعيِّ والأمر التكوينيِّ المندمج في القوانين الفطرية والعادات الالهية. فالقطع لما أمر بوصله شرعاً كقطع صلة الرحم وقطع قلوب المؤمنين بعض عن بعض. وعلى هذا القياس!.. وتكويناً كقطع العمل عن العلم.. وقطع العلم عن الذكاء .. وقطع الذكاء عن الاستعداد. وقطع معرفة الله عن العقل.. وقطع السعي عن القوة.. وقطع الجهاد عن الجسارة وهكذا!.. اذ إعطاء القوة أمر معنوي تكويني بالسعي، وإعطاء الذكاء أمر معنوي بالعلم.. الى آخره...
وأما جملة ﴿ويفسدون في الأرض﴾ فاعلم! ان من فسد وتورط في الوحل يطلب أن يكون له رفقاء متورطون ليتخفف عنه دهشة الحال بسر (اذا عمّت البلية طابت) وكذا اذا وقع في قلب أحد اختلالٌ، تخرب في قلبه الكمالاتُ وتتساقط الحسيات العالية، فيتولد فيه ميل التخريب فينتج له لذة في التخريب فيتحرى لذته في الافساد والاختلال.
 فان قلت: كيف يؤثر فساد فاسق في عموم الأرض المشار اليه بلفظ في الأرض؟
قيل لك: الذي فيه نظام ففيه موازنة ، حتى ان النظام مبني على الموازنة فتداخل شئ حقير بين دواليب ماكينة تتأثر به، وان لم يُحس. والميزان الذي في كفتيه جبلان يتأثر بوضع جوزة على كفة..
وأما جملة ﴿اولئك هم الخاسرون﴾ فاعلم! ان حق العبارة (هم خاسرون في عدم الهداية به) فلفظ (اولئك) ولفظ (هم) والتعريفُ والاطلاقُ لنكت:
أما ﴿اولئك﴾ فلأن وضعه لإِحضار محسوسٍ، فالإِحضار المستفاد منه اشارة الى ان السامع اذا سمع حالهم الخبيثة من شأنه ان يحصل له حدّة عليهم ونفرة منهم. فلتطمين نفرته وتشفّي حدّته يطلب أن يستحضروا إلى

لايوجد صوت