سنوحات | افادة مرام | 12
(1-39)

فان كانت هذه الأمثلة الستة تظهر لنا في قوة الممكنات المخلوقات وفي فعلها وهي ناقصة ومتناهية وضعيفة وليست ذات تأثير حقيقى، فينبغي اذن ان تتساوى جميع الأشياء أمام القدرة الإلهية المتجلّية بآثار عظمتها.. وهي غير متناهية وأزلية وهي التي اوجدت جميع الكائنات من العدم البحت وحيّرت العقول جميعها، فلا يصعب عليها شئ اذن.
ولا ننسى أن القدرة الإلهية العظمى لا توزن بموازيننا الضعيفة الهزيلة هذه، ولا تتناسب معها، ولكنها تُذكَر تقريباً للأذهان وازالة للأستبعاد ليس إلاَّ.
نتيجة الاساس الثالث وخلاصته: ما دامت القدرة الإلهية مطلقة غير متناهية، وهي لازمة ضرورية للذات الجليلة المقدسة، وأن جهة الملكوت لكل شئ تقابلها ومتوجهة اليها دون ستار ودون شائبة، وأنها متوازنة بالأمكان الاعتباري الذي هو تساوي الطرفين، وان النظام الفطري الذي هو شريعة الفطرة الكبرى مطيع للفطرة وقوانين الله ونواميسه، وان جهة الملكوت مجردة وصافية من الموانع والخواص المختلفة. لذا فان اكبر شئ كأصغره أمام تلك القدرة، فلا يمكن ان يحجم شئ أيّاً كان أو يتمرّد عليها. فإحياءُ جميع الأحياء يوم الحشر هينّ عليه كإحياء ذبابة في الربيع ولهذا فالآية الكريمة ﴿ما خَلقكم ولا بَعثُكُم إلاّ كَنَفْسٍ واحدة﴾ أمرٌ حق وصدق جلي لا مبالغة فيه ابداً.

﴿ولا يتخذ بعضنا بعضاً ارباباً من دون الله﴾(آل عمران : 64)
نورد نكتة واحدة من بين الوف نكات هذه الآية الكريمة:
انه بقطع النظر عن مشرب الصوفية، فان الاسلام يرفض الواسطة ويقبل الدليل، وينفي الوسيلة ويثبت الامام. بينما غيره من الاديان يقبل الواسطة. فبناء على هذا السر الدقيق يستطيع النصراني ان يصبح متديناً اذا اشغل مقامات من حيث الثروة والمنصب. بينما في الاسلام، العوام هم المتمسكون بالدين اكثر من ذوي الثروات والمناصب. وذلك لان النصراني ذا المقام يحافظ على نصرانيته وانانيته بقدر تعصبه في دينه، فلا ينقص ذلك من تكبره وغروره. بينما المسلم يبتعد عن التكبر والغرور بقدر تمسكه بالدين. بل ينبغي له ان يتنازل عن عزة المنصب.

لايوجد صوت