ومن هنا فالنصرانية ربما تتمزق بهجوم العوام المظلومين على الظالمين الذين يعدّون انفسهم خواص النصارى، حيث النصرانية تعين تحكّمهم. بينما الاسلام لا ينبغي ان يتزعزع لانه ملك العوام اكثر من الخواص الدنيويين.
﴿ولا تزر وازرة وزر اخرى﴾(الانعام: 164)
تمثل هذه الآية الكريمة اعدل دستور في السياسة الشخصية والجماعية والقومية. اما الآية الكريمة: ﴿انه كان ظلوماً جهولاً﴾(الاحزاب:72) فتبين استعداد الانسان الى الظلم الرهيب المغروز في فطرته.
والسر في ذلك هو:
ان القوى والميول المودعة في الانسان لم تحدد، خلافاً للحيوان؛ لذا فان الميل للظلم وحبّ الذات يتماديان كثيراً وبشكل مخيف.
نعم، ان حب الانسان لنفسه، وتحري مصلحته وحده، وحبه لذاته وحده، من الاشكال الخبيثة لـ" انا والانانية"، واذا ما اقترن العناد والغرور بذلك الميل تولدت فظائع بشعة بحيث لم يعثر لها البشر على اسم بعد. وكما ان هذا دليل على وجوب وجود جهنم كذلك لا جزاء له الاّ النار.
ولنتناول هذا الدستور في:
نطاق الشخص:
يحوز الشخص اوصافاً كثيرة. ان كانت صفة منها تستحق العداء، فيقتضي حصر العداء في تلك الصفة وحدها، حسب القانون الالهي الوارد في الآية الكريمة. بل على الانسان ان يشفق على ذلك الشخص المالك لصفات بريئة كثيرة اخرى ولا يعتدي عليه. بينما الظالم الجهول يعتدي على ذلك الشخص لصفة جانية فيه، لما في طبيعته من ظلم مغروز ، بل تسري عداوته لاوصاف بريئة فيه، حيث يخاصم الشخص نفسه، وربما لا يكتفي بالشخص وحده فيشمل ظلمه اقارب الشخص بل كلّ من في مسلكه. علماً ان تلك الصفة الجانية قد لا تكون نابعة من فساد القلب، وربما هي نتيجة اسباب اخرى، حيث ان اسباباً كثيرة تولد الشئ الواحد. فلا تكون الصفة جانية، بل حتى لو كانت تلك الصفة كافرة ايضاً لا يكون الشخص جانياً.
وفي نطاق الجماعة: