سنوحات | افادة مرام | 17
(1-39)

وبما يحسون تجاهه من رغبة، فالساعاتي الذي يأخذ اجرة اكثر من عالم جليل مثال يؤيد هذا.
فلو وجهت حاجات المسلمين الدينية كافة شطر القرآن الكريم مباشرة، لنال ذلك الكتاب المبين من الرغبة والتوجه -الناشئة من الحاجة اليه- اضعاف اضعاف ماهو مشتت الآن من الرغبات نحو الالوف من الكتب، بل لكان القرآن الكريم مهيمنا هيمنة واضحة على انفوس، ولكانت اوامره الجليلة مطبقة منفذة كليا. وما كان يظل كتابا مباركا يتبرك بتلاوته فحسب.
هذا وان هناك خطراً عظيماً في مزج الضروريات الدينية مع المسائل الجزئية الفرعية الخلافية، وجعلها كأنها تابعة لها، لان الذي يرى الآخرين على خطأ -نفسه على صواب- يدعي:
ان مذهبي حق يحتمل فيه الخطأ والمذهب المخالف خطأ يحتمل فيه الصواب!
وحيث ان جمهور الناس يعجزون عن ان يميزوا تمييزاً واضحا بين الضروريات الدينية والامور النظرية الممتزجة معها، تراهم يعممون -سهواً او وهماً- الخطأ الذي يرونه في الامور الاجتهادية على الاحكام كلها، ومن هنا تتبين جسامة الخطر.
والذي اراه ان من يخطّئ الاخرين - ويرى نفسه في صواب دائما - مصاب بمرض ضيق الفكر وانحصار الذهن الناشئين من حب النفس. ولاشك انه مسؤول امام رب العالمين عن تغافله عن شمول خطاب القرآن الى البشرية كافة.
ثم ان فكر التخطئة هذا، منبع ثر لسوء الظن بالاخرين، والانحياز، والتحزب في الوقت الذي يطالبنا الاسلام بحسن الظن والمحبة والوحدة! ويكفيه بعدا عن روح الاسلام ما شق من جروح غائرة في ارواح المسلمين المتساندة، ومابثه من فرقة بين صفوفهم، فابعدهم عن اوامر القرآن الكريم.

بعد ان كتبت هذه المسألة بفترة قصيرة، تشرفت برؤيا الرسول الكريمy في المنام. كنت في حظوة مجلسه الجليل في مدرسة دينية، سيعلمني من القرآن درسا. فعندما اتوا بالمصحف الشريف قام الرسول الكريمy احتراماً للقرآن، فخطر لي آنئذ ان هذا ارشاد للامة لتوقير القرآن الكريم واجلاله.

لايوجد صوت