(رسالة الشيوخ) | الرجاء الاول | 31
(1-82)

فيا من يدلف الى المشيب مثلي.. ويا من يتذكر الموت بنذير الشيب.. ! ان علينا ان نرضى بالشيخوخة وبالموت وبالمرض، ونراها لطيفة بنور الإيمان الذي أتى به القرآن الكريم، بل علينا ان نحبها – من جهة – فما دمنا نملك إيماناً وهو النعمة الكبرى، فالشيخوخة اذن طيبة والمرض طيب، والموت طيب ايضاً.. وليس هناك شيء قبيح محض في حقيقة الامر الاّ الاثم والسفه والبدع والضلالة.
الرجاء الحادي عشر
عندما رجعت من الاسر، كنت أسكن مع ابن اخي (عبدالرحمن)(1) في قصر على قمة (جاملجة) في استانبول. ويمكن ان تعتبر هذه الحياة التي كنت احياها حياة مثالية من الناحية الدنيوية بالنسبة لأمثالنا؛ ذلك لانني قد نجوت من الاسر، وكانت وسائل النشر مفتوحة امامي في (دار الحكمة الإسلامية)(2) وبما يناسب مهنتي العلمية، وان الشهرة والصيت والاقبال عليّ تحفّ بي بدرجة لا استحقها، وانا ساكن في اجمل بقعة من استانبول (جاملجة)، وكل شيء بالنسبة لي على مايرام، حيث أن ابن اخي (عبدالرحمن) – رحمه الله – معي، وهو في منتهى الذكاء والفطنة، فهو تلميذ ومضحّ وخادم وكاتب معاً، حتى أعدّه ابناً معنوياً لي.
وبينما كنت احس بأني اسعد انسان في العالم، نظرت الى المرآة، ورأيت شعيرات بيضاء في رأسي وفي لحيتي، واذا بتلك الصحوة الروحية التي احسست بها في الاسر في جامع (قوصترما) تبدأ 
---------------------------------------------------
(1) هو عبدالرحمن بن عبدالله، ابن شقيق الاستاذ النورسي ولد سنة 1903 في نورس وتوفي سنة 1928 ودفن في قرية (ذو الفضل) في انقرة. كتب تاريخ حياة الاستاذ حتى عام 1918 ونشره بكتاب طبع في ستانبول. – المترجم.
(2) هي اعلى مؤسسة علمية تابعة للمشيخة الإسلامية في الدولة العثمانية. – المترجم.

لايوجد صوت