الآية الكبرى | الشعاع السابع | 16
(1-108)

العاتية - التي تضطرب من هولها الكتل الضخمة الكثيفة - لا تخل في موازنة ذلك البَرَد ولا انتظامه، ولا تجعله كتلاً مضرة جمعاً بين حبّاته !. فهذا الماء الذي هو جماد بسيط لايملك شعوراً، يُستخدم في امثال هذه الاعمال الحكيمة، وبخاصة استخدامه في الاحياء والتروية، وهو المركب من مادتين بسيطتين جامدتين خاليتين من الشعور؛ هما مولد الماء ومولد الحموضة - الهيدروجين والاوكسجين - الاّ انه يستخدم في مئات الآلاف من الخدمات والصنائع المختلفة المشحونة بالحكمة والشعور.
فهذا الغيث اذاً ما هو الاّ رحمة متجسمة بعينها، ولايتم صنعه الاّ في خزينة الغيب لرحمة (الرحمن الرحيم) ، وهو بنزوله وانصبابه على الارض يفسّر عملياً وبوضوح الآية الكريمة:
﴿وهو الذي يُنزّلُ الغيثَ من بعدِما قَنَطوا وينشُرُ رَحْمَتَه﴾(الشورى:28).
ثم يصغي ذاهلاً الى (الرعد) وينظر مندهشاً الى (البرق) فيرى ان هاتين الظاهرتين الجويتين العجيبتين تفسران تماماً الآيتين الجليلتين:
﴿ويُسَبّح الرّعدُ بحمده﴾(الرعد: 13)
﴿يكاد سنا برقه يَذهَب بالابصار﴾(النور: 43).
فانهما تخبران كذلك عن قدوم الغيث فتبشران المعوزين الملهوفين.. نعم، ان انطاق الجو المظلم بغتة بصيحة هائلة تزمجر وتجلجل، وملء الظلام الدامس بنور يكاد يذهب بالابصار وبنار ترعب كل موجود واشعال السحب العظيمة كالجبال والمنفوشة كالعهن، المحملة بالبرد والثلج والماء.. وما شابهها من هذه الاوضاع الحكيمة الغريبة؛ لتنبِّه الانسان الغافل وتوقظه، وتلوّح بالدرّة على رأسه المخفوض قائلة:

لايوجد صوت