الآية الكبرى | الشعاع السابع | 58
(1-108)

وأبوابه وفصوله، وصحائفه وسطوره، وما يجري على الجميع من (المحو والاثبات) ذي المعنى اللطيف، ومن التحويل والتغيير ذي الحكمة والابداع.. كل ذلك بالاجماع يفيد بداهة وجود عليم بكل شئ، قدير على كل شئ. ويعبّر عن وجود بارئ ذي جلال، ومصور ذي كمال، يرى كل شئ في كل شئ، ويعلم علاقة كل شئ بكل شئ، فيراعيه.
وهكذا، فان جميع ما في الكون باركانه، وانواعه، واجزائه، وجزئياته، وساكنيه، ومشتملاته، ووارداته، ومصاريفه، وتبديلاته ذات المصلحة، وتجديداته ذات الحكمة، يفيد ويفهّم بالاتفاق وجود ووحدانية خالقٍ رفيع الدرجات، وصانع ليس كمثله شئ، يعمل بقدرة لاحد لها، وبحكمة لانهاية لها.
وتثبت شهادة الكون العظيمة هذه - على وجود الخالق ووحدانيته - حقيقتان عظيمتان واسعتان متناسبتان مع سعة الكون وعظمته، وهما:
الحقيقة الاولى: وهي حقيقة الحدوث والامكان التي رآها حكماء الاسلام والعلماء الدهاة لاصول الدين وعلم الكلام، واثبتوها ببراهين دامغة.
فقد قالوا: (لما كان في العالم، وفي كل شئ، تغيّر وتبدل، فانه فانٍ وحادث، ولايكون قديماً. ولانه حادث، فلابد له من صانع مُحدِث. ولما كان كل شئ على السواء ان لم يكن في ذاته سبب وجودي وعدمي فلن يكون واجباً ولا أزلياً..) . وقد اثبت ايضاً ببراهين قاطعة انه لايمكن ايجاد الاشياء بعضها للبعض الآخر بالدور والتسلسل الذي هو باطل ومحال. فيلزم اذاً وجود واجب للوجود، يمتنع نظيره، ومحالٌ مثيله، كل ما عداه ممكن، وكل ما سواه مخلوق.
نعم ان حقيقة الحدوث قد استولت على الكون، فالعين ترى

لايوجد صوت