وصبّ جابرٌ عليه وقال: بسم الله! قال: فرأيت الماء يفور من بين اصابعه، ثم فارت الجفنة واستدارت حتى امتلأت، وأمر الناس بالاستقاء، فاستقوا حتى رووا. فقلت هل بقي احدٌ له حاجة؟ فرفع رسول الله y يده من الجفنة وهي ملأى).
فهذه المعجزة الباهرة متواترة من حيث المعنى، لأن جابراً كان في مقدمة المشاهدين فمن حقه اذاً ان يتكلم هو فيها، ويعلنها على لسان القوم حيث كان يخدم الرسول y آنذاك.
وفي رواية ابن مسعود في الصحيح: (ولقد رأيتُ الماء ينبعُ من بين اصابع رسول الله y)(4).
يا ترى اذا روى صحابة ثقاة اجلاء من امثال انس وجابر وابن مسعود وقال كل منهم: (رأيت)، أمن الممكن عدم رؤيتهم؟
وبعد؛ وَحِّد هذه الامثلة معاً، لترى مدى قوة هذه المعجزة الباهرة، لأن الطرق الثلاثة اذا ما توحدت فستثبت الرواية اثباتاً قاطعاً بالتواتر المعنوي، من ان الماء كان يفور من أصابعه y فهذه المعجزة أعظم وأسمى من تفجير موسى عليه السلام الماء من اثنتي عشر عيناً من الحجر لأن انفجار الماء من الحجر شئ ممكن له نظيره حسب العادة، ولكن لا نظير لفوران الماء من اللحم والعظم كالكوثر السلسبيل.
المثال الرابع:
روى الامام مالك في كتابه القيّم (الموطأ(1) عن أجلة الصحابة (عن معاذ بن جبل في قصة غزوة (تبوك) انهم وردوا العين وهي تبض بشئ من ماء(2) مثل الشراك) فأمر رسول الله y أن : اجمعوا من مائها (فغرفوا من العين بايديهم حتى اجتمع في شئ. ثم غسل رسول الله y فيه وجهه ويديه واعاده فيها فَجَرت بماء كثير فاستقى
-----------------------------------
(4) رواه البخاري (4/ 235) في الانبياء: باب علامات النبوة، والترمذي (3637 تحقيق أحمد شاكر) واخرجه ايضاً النسائي من نفس الطريق (1/ 60) وبغير لفظ.
(1) ورواه مسلم في صحيحه (4/ 1984 برقم 706).
(2) (بضّ الماء) اذا سال سيلاناً قليلاً. - (الشراك): سير النعل، والتشبيه لقلة الماء.