ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع السابع | 183
(146-253)

النور الثالث: انه مثلما يمدّ سبحانه بالأفعال استمداد مخلوقاته المصابين بالبلايا العسيرة والنوائب الشديدة واستغاثتهم وتضرعهم فان من لازم الربوبية أن يؤنسهم ويبدد وحشتهم فيمدّهم بأقوال إلهامية هي في حكم نوع من كلامه.
النور الرابع: انه مثلما يُشعر سبحانه فعلاً بوجوده وحضوره وحمايته لأرباب الشعور من خلقه - الذين هم في عجز وضعف شديدين، وفي فقر واضطرار كبيرين، وفي أشد الحاجة والشوق لمعرفة مالكهم وحاميهم ومدبرهم وحفيظهم - فانه من مقتضى رأفة الالوهية ورحمة الربانية، وضرورة لازمة لهما، ان يُشعر كذلك بحضوره ومعيّته ووجوده، لمخلوق معين، بوجه خاص، حسب قابليته، بوساطة قسم من الالهامات الصادقة، قولاً الى هاتف قلبه، مما يعدّ في حكم نوع من المكالمة الربانية.
ثم نظر الى شهادة الالهام فرأى انه لو كانت للشمس حياة وشعورٌ - فرضاً - وكانت الألوان السبعة التي في ضيائها - فرضاً - سبع صفات لها، لكان لها اذاً نمط من التكلم باشعتها وتجلياتها التي في ضيائها. ففي هذه الحالة: فان وجود صورتها وانعكاسها في الاشياء الشفافة؛ اي تكلمها مع كل مرآة عاكسة، ومع كل شئ لماع، ومع قطع الزجاج وحباب البحر وقطراته، حتى مع الذرات الشفافة حسب قابلية كل منها.. واستجابتها لحاجات كل منها.. كل ذلك سيكون شاهد صدق على وجود الشمس، وعلى عدم ممانعة فعل عن فعل ولا مزاحمة كلام من كلامها لآخر..
فمثلما يشاهد هذا بوضوح، كذلك الامر في مكالمة سلطان الازل والابد ذي الجلال، وخالق جميع الموجودات ذي الجمال، النور الازلي، هي مكالمة كليّة ومحيطة، كعلمه سبحانه وقدرته. لذا يدرك بداهة تجليّها الواسع حسب قابلية كل شئ، من دون ان يزاحم سؤال سؤالاً، ولا يمنع فعل فعلاً، ولا يختلط خطاب بخطاب.
فعلم السائح بعلم يقيني اقرب ما يكون الى عين اليقين، ان جميع

لايوجد صوت