في منتهى التربية والتدبير والادارة، فالكون كله صحيفة مبسوطة امام نظره جل وعلا في كل آن، وجميع العوالم تكتب كسطر بقلم قدرته وقدره، وتُجدد وتُغير.فتنبعث شهادات كلية وجزئية وبعدد الذرات والموجودات الحاصلة من تركبها، وفي كل لحظة وآن، على وجوب وجود ووحدانية رب العالمين الذي يدير هذه الملايين من العوالم والكائنات السيالة بربوبية مطلقة ذات علم وحكمة لانهاية لهما وذات عناية ورحمة وسعتا كل شئ.
ان من لايصدق بربوبية جليلة تربي وتدبر الامور؛ إبتداءً من مزرعة الذرات الى المنظومة الشمسية والى دائرة درب التبانة؛ ومن حجيرة في الجسم الى مخزن الارض والى الكون كله، تربيها وتدبر شؤونها بالقانون نفسه وبالربوبية نفسها وبالحكمة عينها، ولايستشعر بها ولايدركها ولايشاهدها، يجعل نفسه بلاشك أهلاً لعذاب خالد ويسلب عنه الاشفاق والرحمة عليه.
الكلمة الثالثة: وهي ﴿الرّحمن الرّحيمِ﴾
ان اشارة مختصرة جدا ً الى ما فيها من حجة هي:
انه يشاهد بوضوح ضوء الشمس وجود الرحمة غير المتناهية في الكون وحقيقتها. فهذه الرحمة الواسعة تشهد شهادة قاطعة - كشهادة الضياء على الشمس - على رحمن رحيم محتجب بستار الغيب.
نعم، ان قسماً مهماً من الرحمة هو الرزق، حيث يعطى معنى الرزاق لإسم الله (الرحمن) . والرزق نفسه يدل على الرزاق الرحيم دلالة واضحة الى درجة تجعل من له ذرة من شعور مضطرا ً الى التصديق والايمان.
فمثلا ً: أنه سبحانه يهئ ارزاق جميع ذوي الحياة، ولاسيما للعاجزين وبخاصة للصغار، وهم منتشرون على الارض كافة والفضاء كله، يهيؤها لهم بصورة خارقة وهى خارج نطاق اختيارهم