الاّ انه يصورها تصويراً مثيراً الى حد يسيل منه اللعاب، ويفلت منه زمام العقل، اذ يضرم في الشهوات، ويهيج النزوات. حتى لا يعود الشعور ينقاد لشئ.
اما أدب القرآن الكريم:
فانه لا يحرك ساكن الهوى، لا يثيره، بل يمنح الانسان الشعور بنشدان الحق وحبه، والافتتان بالحسن المجرد، وتذوّق عشق الجمال، والشوق الى محبة الحقيقة.. ولا يخدع أبداً.
فهو لا ينظر الى الكائنات من زاوية الطبيعة، بل يذكرها صنعة إلهية، صبغة رحمانية، دون ان يحير العقول.
فيلقّن نور معرفة الصانع..
ويبين اياته في كل شئ..
والأدبان.. كلاهما يورثان حزناً مؤثراً. الاّ انهما لا يتشابهان.
فما يورثه أدب الغرب هو حزن مهموم، ناشئ من فقدان الأحباب، وفقدان المالك. ولا يقدر على منح حزن رفيع سامٍ .
اذ استلهام الشعور من طبيعة صماء، وقوة عمياء يملأوه بالالام والهموم حتى يغدو العالم مليئاً بالاحزان، ويلقي الانسان وسط اجانب وغرباء دون أن يكون له حامٍ ولامالك! فيظل في مأتمه الدائم..
وهكذا تنطفئ أمامه الآمال.
فهذا الشعور الملئ بالأحزان والآلام يهيمن على كيان الانسان، فيسوقه الى الضلال، والى الالحاد، والى انكار الخالق.. حتى يصعب عليه العودة الى الصواب، بل قد لا يعود أصلاً.
أما أدب القرآن الكريم:
فانه يمنح حزناً سامياً علوياً، ذلك هو حزن العاشق، لا حزن اليتيم.. هذا الحزن نابع من فراق الأحباب، لا من فقدانهم.