ولله الحمد فان رسائل النور قد أظهرت -حتى للعميان- بتجارب كثيرة وحوادث عديدة انها معجزة قرآنية تستطيع ان تنوّر هذا العصر، بل العصر المقبل. فمهما بالغتم في مدحها والثناء عليها فهي أهل لها وحقيق بها. إلاّ ان ماتولونه لي من اهتمام وحظ في هذا الأمر، لا اجد نفسي أهلاً له، ولو واحداً من الألف. بل اجدني فخوراً الى الأبد بإسم رسائل النور التي اولاها المنعم الكريم نعمةً عظمى بسعيكم الحثيث الى الاعمال الجليلة واشتراككم الجاد مع طلابها النجباء.
لقد صدّق الشيخ الطيلانى والامام الغزالي والامام الرباني وامثالهم من الأفذاذ، بشخصياتهم القوية وبخدماتهم الجليلة الحديث الوارد (علماء امتى كأنبياء بني اسرائيل)(1) وبارشاداتهم السديدة وبآثارهم القيمة. ولكون تلك العصور كانت -من جانب- عصور الجهابذة الفريدين، فقد بعث الرب الحكيم امثال اولئك الاشخاص الفريدين النادرين والدهاة السامين، لإسعاف الامة.
أما الآن فقد بعث المولى الكريم "رسائل النور" التي هي بحكم شخص معنوى، وبعث طلابها الذين هم -بسر التساند والترابط- بحكم الفرد الفريد، الى هذا العصر ، عصر الجماعة، المحاط بالظروف المعقدة والاوضاع الرهيبة، لأجل القيام بتلك المهمة الجليلة.
وبناء على هذا السر الدقيق فان جندياً مثلي، لا وظيفة له الاّ وظيفة الطليعة لدى مقام المشيرية المثقلة بالمهام الجسيمة...
------------------
(1) قال السخاوى في المقاصد: قال شيخنا يعني ابن حجر: لا اصل له، قال: وقال النجم: وممن نقله جازماً بانه حديث مرفوع الفخر الرازي وموفق الدين بن قدامة واشار الى الاخذ بمعناه التفتازاني والسيوطي في الخصائص. (باختصار عن كشف الخفاء 2/64) (وانظر تذكرة الموضوعات ص 20).