والسعي لتوسيع دائرته وحث طلابه وبث الشوق في نفوسهم، واذابة الانانية والقائها كقطعة ثلج في حوض الماء السلسبيل للجماعة ليغنم ذلك الحوض الكوثري كاملاً. والاّ فمن يفتح نهجاً جديداً ويسلك طريقاً آخر، يضرّ هذه الجادة القرآنية المستقيمة القويمة من دون ان يشعر، ويتضرر هو بنفسه أيضاً، بل قد يكون عمله نوعاً من العون للزندقة دون شعور منه.
حذار.. حذار.. ايها الاخوة من ان تقذفكم التيارات الدنيوية ولاسيما السياسية منها ولاسيما التيارات التي تلفت الانظار نحو الخارج، الى التفرقة، اذ تجعلكم بعد ذلك عاجزين ضعفاء امام الفرق الضالة المتحدة... فحذار ان يجري فيكم حكم ذلك الدستور الشيطاني والعياذ بالله: "الحب في السياسة والبغض في السياسة" بدلاً من الدستور الرحماني (الحب في الله والبغض في الله)(1) اذ عندها تعادون اخاً لكم هو في الحقيقة كالملاك وتولون الحب لرفيق في السياسة وهو كالخناس وتبدون الرضا لظلمه، وتشاركونه في جنايته ضمناً. فحذار حذار من هذا!
نعم ان السياسة الحاضرة تفسد القلوب، وتدع الارواح الحساسة في عذاب. فالذى يروم سلامة القلب وراحة الروح عليه ان يترك السياسة.
نعم، ان كل انسان في الوقت الحاضر، على الكرة الارضية قاطبة، له نصيبه من المصائب الجارية إما قلباً او روحاً او عقلاً او بدناً، ويعاني من العذاب والرهق ما يعاني، ولاسيما اهل الضلالة والغافلين حيث انهم غافلون عن الرحمة الالهية الشاملة والحكمة السبحانية الكاملة. فمن حيث انسانيتهم وعلاقتهم بالبشرية يتعذبون بالالآم الرهيبة المفجعة التي تعانيها البشرية في الوقت الحاضر، فضلاً عن آلامهم أنفسهم، ذلك لانهم قد تركوا وظائفهم الحقيقية وامورهم
----------------
(1) صحيح البخارى 1/8 وصحيح مسلم برقم 37، 38 ابو داود كتاب 39 باب 2؛ مسند ابن حنبل 2/237، 292.