وضع الاستاذ النورسي ضمن ملحق قسطموني ثلاث قطع من رسالة "اللوامع" وهي: "كل الآلام في الضلالة، وبيان موجز لإعجاز القرآن، وبرهانان عظيمان للتوحيد" وذلك حسب قاعدته المذكورة في خاتمة رسالة "قطرة من بحر التوحيد" من المثنوي العربي النوري، حيث يقول:
"لأني ارى القرآن منبع كل الفيوض، وما في آثاري من محاسن الحقائق ما هو الاّ من فيض القرآن، فلهذا لا يرضى قلبي ان يخلو أثر من آثاري من ذكر نُبَذٍ من مزايا اعجاز القرآن"
ولما كانت رسالة "اللوامع" قد نشرت ملحقة بمجموعة "الكلمات" نكتفي هنا بادراج احدى تلك القطع الثلاث وهي: بيان موجز لإعجاز القران. ومن شاء فليراجع القطعتين الاخريين في "اللوامع".
بيان موجز لاعجاز القرآن
رأيت في الماضي فيما يرى النائم: انني تحت جبل (آرارات). انفلق الجبل على حين غرة، وقذف صخوراً بضخامة الجبال الى انحاء العالم، فهزّ العالم وتزلزل.
وفجأة وقف بجنبي رجل، قال لي: بيّن بايجاز ما تعرفه مجملاً من أنواع الاعجاز... اعجاز القرآن.
فكرتُ في تعبير الرؤيا، وأنا ما زلت فيها وقلت:
ان ما حدث هنا من انفلاق مثالٌ لما يحدث في البشرية من انقلاب، وسيكون هدى القرآن بلا ريب عالياً ومهيمناً في هذا الانقلاب. وسيأتي يوم يبين فيه اعجازه.
أجبتُ ذلك السائل قائلاً:
ان اعجاز القرآن يتجلى من سبعة منابع كلية، ويتركب من سبعة عناصر.
المنبع الأول:
سلاسة لسانه من فصاحة اللفظ؛ اذ تنشأ بارقة بيانه من جزالة النظم، وبلاغة المعنى، وبداعة المفاهيم، وبراعة المضامين، وغرابة الاساليب. فيتولد نقش بياني عجيب، وصنعة لسان بديع، من امتزاج كل هذه في نوع اعجاز لا يملّ الانسان من تكراره أبداً.