اشارات الاعجاز | اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ | 59
(55-61)

لذاك؛ بل من مال نفسه.. وان لايمنّ فيستكثر.. وان لايخاف من الفقر.. وان لايقتصر على المال، بل بالعلم والفكر والفعل أيضا.. وان لايصرف الآخذ في السفاهة، بل في النفقة والحاجة الضرورية.
فلإِحسان هذه النكت، واحساس هذه الشروط تصدَّق القرآن على الأفهام بإيثار ﴿ومما رزقناهم ينفقون﴾ على (يتصدقون) او (يزكّون) وغيرهما؛ إذ أشار بـ (من) التبعيض الى رد الاسراف.. وبتقديم ﴿مما﴾ الى كونه من مال نفسه.. وبـ(رزقنا) الى قطع المنة. أي: ان الله هو المعطي وانت واسطة.. وبالاسناد الى (نا) الى: (لاَتَخَفْ مِنْ ذِي الْعَرْشِ اِقْلاَلاً)(2).. وبالاطلاق الى تعميم التصدق للعلم والفكر
وغيرهما. وبمادة ﴿ينفقون﴾ الى شرط صرف الآخذ في النفقة والحاجات الضرورية.
ثم ان في الحديث الصحيح (الزَّكاةُ قَنْطَرَةُ الاِسْلاَمِ)(1) أي: الزكاة جسر يغيث المسلمُ أخاه المسلم بالعبور عليها؛ اذ هي الواسطة للتعاون المأمور به، بل هي الصراط في نظام الهيئة الاجتماعية لنوع البشر، وهي الرابطة لجريان مادة الحياة بينهم، بل هي الترياق للسموم الواقعة في ترقيات البشر.
نعم! في (وجوب الزكاة) و(حرمة الربا) حكمة عظيمة، ومصلحة عالية، ورحمة واسعة؛ اذ لو أمعنت النظر في صحيفة العالم نظراً

-------------------

(2) اصل الحديث: عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه، قال: دخل النبيy على بلال وعنده صُبرة من تمر، فقال: (ما هذا يا بلال؟) قال: اُعدُّ ذلك لأضيافك. قال: (أما تخشى ان يكون لك دُخان في نار جهنم؟! انفق بلال! ولا تخشَ من ذي العرش اقلالاً).
قال المنذري في الترغيب والترهيب: رواه البزار باسناد حسن والطبراني في الكبير وذكر فيه زيادة. والحديث اورده الهيثمي في المجمع وقال: اسناده حسن، وحسّنه الحافظ ابن حجر. والحديث صحيح بطرقه (صحيح الجامع الصغير رقم 1508 وصحيح الترغيب برقم 912، والمشكاة برقم 1885) ومع هذا ضعفه العراقي رحمه الله تعالى.
(1) اورده الهيثمي في المجمع (3/62) وقال: رواه الطبراني في الكبير والاوسط ورجاله موثقون إلاّ بقية مدلس وهو ثقة، واورده المنذري في الترغيب والترهيب (1/517) وقال: رواه الطبراني... وفيه ابن لهيعة، والبيهقي وفيه بقية بن الوليد. والحديث ضعفه محقق الجامع الصغير برقم 3191 في ضعيف الجامع الصغير.

لايوجد صوت