اشارات الاعجاز | مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَل | 151
(131-154)

وأما جمع ﴿ظلمات﴾ فايماء الى ان سَواد الليل وظلمة السحاب أولَدتا في روحهم ظلمة اليأس والخوف، وفي مكانهم ظلمة التوحش والدهشة، وفي زمانهم ظلمة السكون والسكوت، فأحاطت بهم ظلمات متنوعة.. وأما تنكيرها فايماء الى انها مجهولة لهم لم يسبق لهم الُفْة بمثلها فتكون أشد وقعا.
وأما ﴿لايبصرون﴾ فتنصيص على اساس المصائب، اذ مَن لم ير كان ارأى للبلايا، وبفقد البصر يبصر أخفى المصائب. وأما المضارعية فلتصوير وتمثيل حالهم نصب عين الخيال ليرى السامع دهشتهم فيتحسس بوجدانه أيضاً.
وأما ترك المفعول فللتعميم، أي لايرون منافعهم ليحافظوها، ولا يبصرون المهالك كي يجتنبوا عنها. ولا يتراءى الرفقاء ليستأنسوا بهم، فكأن كل واحد فرد برأسه.
ثم انظر الى جمل ﴿صم بكم عمي فهم لايرجعون﴾ لتسمع ما تتناجى به؛ اذ هذه الأربعة حدٌّ مشترك بين الممثل والممثل به، وبرزخ بينهما ومتوجهة اليهما؛ تتكلم عن حال الطرفين. ومرآة لهما تريك شأنهما. ونتيجة لهما تسمعك قصتهما.
أما الجهة الناظرة الى الممثل به:
فاعلم! ان من سقط في مثل هذه المصيبة يبقى له رجاء النجاة باستماع نجوى منجٍ، فاستلزمت ابكمية الليلة اصميته.. ثم اسماع مغيث فاقتضت اصمية الليل ابكميته.. ثم الهدى برؤية نار أو نيّر فانتج تعامي الليل عميه.. ثم العود الى بدءٍ فانسد عليه الباب كمن سقط في وحل كلما تحرك انغمس..
وأما الجهة الناظرة الى الممثل:
فاعلم! انهم لما وقعوا في ظلمات الكفر والنفاق امكن لهم النجاة عن تلك الظلمات بطرق أربعة مترتبة:
فاوّلاً:

لايوجد صوت