اشارات الاعجاز | كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِالله وَكُنْتُمْ اَمْوَاتاً فَ | 254
(249-257)

المعاني أجساماً والأعراضُ جواهرَ والمتغيرات ثابتةً. والعيون الناظرة من عالم الشهادة اليه، الرؤيا الصادقة والكشف الصادق والأجسام الشفافة فانها تلوِّح بوجوده. ثم ان عالم البرزخ اثبتُ حقيقةً من عالم المثال الذي هو تمثاله. وظل هذا العالم عالم الرؤيا، وظل هذا عالم الخيال، ونظير هذا الاجسام الشفافة كالمرآة. فاذ تفهمت هذا فانظر في عالم الرؤيا وتأمل في شخص نام عندك وهو ساكن وساكت مع انه في عالمه يقاتل ويضارب فيصير مجروحا أو تلدغه الحية فيتألم. ولو أمكن لك أن تدخل في رؤياه وتقول له: يا هذا! لا تعجز ولا تغضب فإن هذا ليس حقيقة وحلفتَ له ألف يمين لما يصدقك. ويقول لك: هذا ألمي يوجعني وهذا جرحي! أما ترى هذا وبيده السيف، واما ترى الحية تهجم عليّ؛ اذ تجسم معنى وجع الكتف أو نزلة الرأس(1) في صورة سيف جارح، اذ النتيجة واحدة. أو تصوَّر معنى الخيانة الموجعة لقلبه في لباس الحية اذ الألم واحد. فيا هذا! اذ ترى ذاك في ظل عالم المثال أفلا تصدقه في عالم البرزخ الذي هو أثبت حقيقة بدرجات وأبعد منا؟ أما ﴿يحييكم﴾ بالنظر الى الحياة الأخروية. فاعلم! ان تلك الحياة نتيجة لكل العالم. ولولاها لم تكن الحقيقة ثابتة ولانقلبت الحقائقُ - كالنعمة - نقمةً. وقس!.. ولقد لخصنا دلائلها في تفسير ﴿وبالآخرة هم يوقنون﴾..
المسألة الخامسة: في ﴿ثم اليه ترجعون﴾ آخر العقد من تلك السلسلة.
اعلم! ان الخالق جلّت قدرته مزج الاضداد في عالم الكون والفساد لِحِكَم دقيقة ووضع أسبابا ظاهرية ووسائط اظهاراً لعزته فترتبت سلسلة العلل والمعلولات. ثم لما تصفّت الكائنات وتميزت وتحزبت في الحشر ارتفعت الأسباب واُسقطت الوسائط فارتفع الحجاب وكُشف الغطاء فيرى كلٌّ صانعَه ويعرف مالكه الحقيقي.

-----------------

(1) مرض الزكام.

لايوجد صوت