اشارات الاعجاز | هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الأرْضِ جَمِيعاً | 264
(258-268)

الأثير في التشكل الى طبقات سبعة كما مر آنفا.. ومنهم من يرى جميع ما يُرى مما زُيّن بمصابيح الشموس والنجوم الثوابت سماء واحدة. هي السماء الدنيا وفوقها ست سموات اُخر لاترى.. ومنهم من لايرى انحصار سبع سموات في عالم الشهادة فقط بل يتصورها في طبقات الخلقة في العوالم الدنيوية والأٌخروية والغيبية.. فكل يستفيض بقدر استعداده من فيض القرآن ويأخذ حصته من مائدته فيشتمل على كل هذه المفاهيم.
واعلم! ان الجملة الأولى: أعني ﴿هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً﴾ نظمها بخمسة أوجه:
الأول: ان الآية الأولى اشارة الى نعمة الحياة والوجود، وهذه تشير الى نعمة البقاء وأسبابه.
والثاني: انه لما اثبتت الأولى للبشر أعلى المراتب أعني الرجوع اليه تعالى تنبه ذهن السامع للسؤال بـ (اين لهذا الانسان الذليل استعداد لهذه المرتبة العالية إلاّ ان يكون بفضله تعالى وجذبه؟). فكأن هذه الجملة تقول مجيبة عن ذلك السؤال ان للإِنسان عند خالقه الذي سخر له جميع الدنيا لموقعا عظيما.
والثالث: انه لما أشارت الأولى الى وجود الحشر والقيامة للبشر ذهب السامع الى سؤال: ما أهمية البشر حتى تقوم القيامة لأجله ويخرب العالم لسعادته؟ فكأن هذه الجملة تجيبه بـ (ان من هُيّئَ جميع ما في الأرض لاستفادته وسُخّر له الأنواع له أهمية عظيمة تشير الى انه هو النتيجة للخلقة).
والرابع: ان الأولى اشارت بـ﴿اليه ترجعون﴾ الى رفع الوسائط وانحصار المرجعية فيه تعالى. والحال ان للبشر في الدنيا مراجع كثيرة، فهذه الجملة تقول أيضاً ان الأسباب والوسائط تشفّ عن يد القدرة، وان المرجع الحقيقي في الدنيا انما هو الله تعالى وانما توسطت الأسبابُ لحِكَم فانه تعالى هو الذي خلق للإِنسان كل ما يحتاج اليه.

لايوجد صوت