اشارات الاعجاز | هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الأرْضِ جَمِيعاً | 262
(258-268)

كما تكون للتراخي الذاتيّ تجئ للتراخي الرتبي فـ﴿ثم استوى﴾ أي ثم اعلموا وتفكروا انه استوى.(1)
المسألة الثالثة: في ﴿سبع﴾:
اعلم! ان الحكمة العتيقة قائلة بأن السمواتِ تسعة، وتصورها أهلُها بصورة عجيبة، واستولى فكرُهم على نوع البشر في اعصار. حتى اضطر كثير من المفسرين الى إمالة ظواهر الآيات الى مذهبهم. وأما الحكمة الجديدة فقائلة بأن النجوم معلَّقة في الفضاء والخلو كأنها منكِرة لوجود السماء. فكما أفرط إحداهما فرّط الأخرى.وأما الشّريعة فحاكمة: بأن الصانع جل جلاله خلق سبع سموات وجعل النجوم فيها كالسَّماك تسبح. والحديث يدل على ان (السماء موج مكفوف)(1) وتحقيق هذا المذهب الحق في ست مقدمات.
الأولى: انه قد ثبت فنّا وحكمة ان الفضاء الوسيع مملوء من الأثير.
والثانية: ان رابطة قوانين الأجرام العلوية وناشر قوى أمثال الضياء والحرارة وناقلها مادة موجودة في الفضاء مالئة له.
والثالثة: ان مادة الأثير مع بقائها اثيراً لها كسائر المواد تشكلات مختلفة وتنوعات متغايرة كتشكل البخار والماء والجمد.
والرابعة: انه لو أمعن النظر في الاجرام العلوية يُرى في طبقاتها تخالف. ألا ترى ان نهر السماء المسمى بـ (كَهْكَشان)(2) المرئيّ في صورة لطخة سحابية انما هو ملايينَ نجومٍ أخذت في الانعقاد.

----------------------

(1) اى للتراخى التفكرى، بمعنى: ان خلق السموات مع انه أسبق إلاّ ان التفكر فيه يأتى بالمرتبة الثانية. ومع ان خلق الارض بعد السموات الاّ ان التفكر فيه اسبق، اي يلزم التفكر في خلق الارض قبل السموات (ت:216).
(1) جزء من حديث اخرجه الامام احمد في مسنده (2/370) والترمذي برقم (3298) وفي تحفة الاحوذي برقم (3352) وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه. وعزاه صاحب التحفة لاحمد وابن ابي حاتم والبزار وفي مجمع الزوائد (8/ 132) جزء من حديث رواه الطبراني في الاوسط، وفيه ابو جعفر الرازي، وثّقه ابو حاتم وغيره وضعّفه النسائي وغيره، وبقية رجاله ثقات، وانظر فيه كذلك (7/121) وتفسير ابن كثير - سورة الحديد.
(2) درب التبانة.

لايوجد صوت