اشارات الاعجاز | هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الأرْضِ جَمِيعاً | 259
(258-268)

أجزاء الأرض؟ و(حبيب وعلي)(2) كيف يستفيدان من حجر في قعر جبل في وسط جزيرة في البحر المحيط الكبير؟ وكيف يكون مال (زيد) لاستفادة عمرو؟ مع ان الآية باشارات أخواتها تشير أن لكل فردٍ الجميعَ لا التوزيع. وكذا كيف تكون الشمس والقمر وغيرهما مع تلك العظمة لزيد وعمرو والعلة الغائية فيها الفائدة الجزئية لهما؟ وكيف تكون المضرات لاستفادة البشر مع انه لا مجازفة في القرآن ولاتليق المبالغة ببلاغته الحقيقية؟
قيل لك: تأمل في ست نقاط يتطاير عنك الأوهام:
الأولى: ان خاصية الحياة كما مر تصيّر الجزء كلا والجزئي كليا والمنفرد جماعة والمقيد مطلقا والفرد عالماً، فيصير الأنواع كقوم ذي حياة والدنيا بيته ويكون له مناسبة مع كل شئ.
والثانية: ان في العالم كما علمت نظاما ثابتا واتساقا محكما ودساتير عالية وقوانين أساسية مستمرة فيكون العالم كساعة أو ماكينة منتظمة. فكما ان كل دولاب منها بل كل سنّ من كل دولاب بل كل جزء من كل سنّ له دخلٌ ولو جزئيا في نظام الماكينة، وكذا له تأثير في فائدة الماكينة ونتيجتها بواسطة نظامها؟ كذلك لوجوده دخل في فائدة أهل الحياة الذين سيّدهم ورئيسهم البشر.
والثالثة: انه - كما قرع سمعك فيما مضى - لا مزاحمة في وجوه الاستفادة، فكما ان الشمس بتمامها لزيد وان ضياءها روضة وميدان لنظره؛ كذلك بتمامها مُلك لعمرو وجنة له. فزيد مثلا لو كان في العالم وحده كيف تكون استفادته؛ كذلك اذا كان مع كل الناس لا ينقص منها شئ الا فيما يعود الى الغارين.(1)
والرابعة: ان الكائنات ليس لها وجه رقيق فقط، بل فيها وجوه عمومية مختلفة طبقا على طبق، ولفوائدها جهات كثيرة عمومية

------------------

(1) (ش).
(2) هما من طلبة الاستاذ المؤلف في مدرسة خورخور.
(1) الحنكان الاعلى والاسفل.

لايوجد صوت