اشارات الاعجاز | هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الأرْضِ جَمِيعاً | 260
(258-268)

متداخلة، وطرق الاستفادة متعددة متنوعة. مثلاً: اذا كان لك روضة تستفيد منها بجهة ويستفيد الناس بجهة أخرى، كالاستلذاذ بالقوة الباصرة. ولاجرم ان استفادة الانسان تحصل بحواسه الخمس الظاهرة وبحواسه الباطنة وبجسمه وبروحه وكذا بعقله وقلبه وكذا في دنياه وفي آخرته وكذا من جهة العبرة وقس عليها.. فلا مانع من استفادته بوجه من هذه الوجوه من كل ما في الأرض بل العالم.
والخامسة: انه:
 ان قلت: هذه الآيات مع آيات اُخر تشير الى ان هذه الدنيا العظيمة مخلوقة لأجل البشر وجعل استفادته علة غائية لها. والحال ان زحل الأكبر من الأرض ليست فائدتها بالنسبة الى البشر الاّ نوع زينة وضياء ضعيف فكيف يكون علة غائية؟
قيل لك: ان المستفيد يفنى في جهة استفادته وينحصر ذهنُه في طريقها وينسى ما عداها وينظر الى كل شئ لنفسه ويحصر العلة الغائية على ما يتعلق به. فاذاً لا مجازفة في الكلام الموجَّه الى ذلك الشخص في مقام الامتنان بأن يقال: ان زحل الذي أبدعه خالقه لألوفِ حِكَمٍ، وفي كل حكمة ألوفُ جهاتٍ، وفي كل جهة ألوفُ مستفيدٍ العلة الغائية في إبداعه جهة استفادة ذلك الشخص.
والسادسة: - وقد نبهت عليه - ان الانسان وان كان صغيراً فهو كبير، فنفعه الجزئيّ كليّ فلا عبثية.
المسألة الثانية: في ﴿ثم﴾:
اعلم! ان هذه الآية تدل على أن خلق الأرض قبل السماء، وان آية ﴿والأرضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحيٰهَا﴾(سورة النازعات:30) تدل على ان خلق السماء قبل الارض، وان آية ﴿كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْناهُمَا﴾(سورة الانبياء:30) تدل على انهما خلقتا معا وانشقتا من مادة..
واعلم ثانيا: ان نقليات الشرع تدل على ان الله تعالى خلق اوّلا جوهرةً - أي مادة - ثم تجلى عليها فجعل قسما منها بخارا وقسما

لايوجد صوت