اشارات الاعجاز | هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الأرْضِ جَمِيعاً | 261
(258-268)

مائعا. ثم تكاثف المائع بتجلِّيه فأزبد. ثم خلق الأرض أوسبع كرات من الأرضين من ذلك الزبد فحصل لكل أرض منها سماء من الهواء النسيميّ. ثم بسط المادة البخارية فسوّى منها سموات زرع فيها النجوم فانعقدت السموات مشتملة على نويات النجوم. وان فرضيات الحكمة الجديدة ونظرياتها تحكم بأن المنظومة الشمسية أي مع سمائها التي تسبح فيها كانت جوهراً بسيطاً ثم انقلب إلى نوع بخار ثم تحصل من البخار مائع ناريّ ثم تصلب بالتبرد منه قسم ثم ترامى ذلك المائع الناري بالتحرك شرارات وقطعات انفصلت فتكاثفت فصارت سيّارات منها أرضنا هذه.
فإذا سمعت هذا يجوز لك التطبيق بين هذين المسلكين لأنه يمكن أن يكون آية ﴿كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْناهُمَا﴾ اشارة الى ان الأرض مع المنظومة الشمسية كانت كعجين عجنته يد القدرة من جوهر بسيط أعني (مادّة الاَثِير) التي هي كالماء السيّال بالنسبة الى الموجودات فتنفذ جارية بينها. وآية ﴿وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ﴾(سورة هود:7) اشارة الى هذه المادة التي هي كالماء. و)الاثير) بعد خلقه، هو المركز لأوّل تجلِّي الصانع بالايجاد، اي فخلق (الأثير) ثم صيّره جواهرَ فردةً ثم جعل البعض كثيفاً، ثم خلق من الكثيف سبع كرات مسكونة منها ارضنا. ثم ان الأرض بالنظر الى كثافتها وتصلبها قبل الكل وتعجيلها في لبس القشر وصيرورتها من زمان مديد منشأ الحياة مع بقاء كثير من الاجرام السماوية الى الآن مائعة نارية تكون خلقتها وتشكلها من هذه الجهة قبل خلق السموات. ولما كان تكمل منافعها ودحوها - أي بسطها وتمهيدها لتعيّش نوع البشر - بعد تسوية السموات وتنظيمها تكون السموات اسبقَ من هذه الجهة مع الاجتماع في المبدأ. فالآيات الثلاث تنظر الى النقاط الثلاث.
الجواب الثاني: ان المقصد من القرآن الكريم ليس درس تاريخ الخلقة، بل نزل لتدريس معرفة الصانع. ففيه مقامان: ففي مقام بيان النعمة واللطف والمرحمة وظهور الدليل تكون الأرض اقدمَ، وفي مقام دلائل العظمة والعزة والقدرة تكون السموات اسبق.. ثم ان (ثم)

لايوجد صوت