درمنغم (1)
-1-
(للمسيح [عليه السلام] في القرآن مقام عالٍ، فولادته لم تكن عادية كولادة بقية الناس، وهو رسول الله الذي خاطب الله جهراً عن مقاصده وحدث عن ذلك اول شخص كلمه، وهو كلمة الله الناطقة من غير اقتصار على الوحي وحده.. والقرآن يقصد النصرانية الصحيحة حينما يقول: ان عيسى (عليه السلام) كلمة الله، او روح الله، ألقاها الى مريم وانه من البشر.. وهو يذمّ مذهب القائلين بالوهية المسيح (عليه السلام) ومذهب تقديم الخبز الى مريم عبادةً ثم اكله وما الى ذلك من مذاهب الالحاد النصرانية، لا النصرانية الصحيحة، ولا يسع النصراني الا ان يرضى بمهاجمة القرآن للثالوث المؤلف من الله وعيسى ومريم)(2)
-2-
(سيكون القرآن حافزاً للجهاد يردده المؤمنون كما يردد غيرهم اناشيد الحرب، محرضاً على القتال جامعاً لشؤونه، محركاً لفاتري الهمم، فاضحاً للمخلّفين مخزياً للمنافقين، واعداً الشهداء بجنات عدن)(3)
-3-
(كان محمدy يعد نفسه وسيلة لتبليغ الوحي، وكان مبلغ حرصه ان يكون اميناً مصغياً او سجلاً صادقاً او حاكياً معصوماً لما يسمعه من كلام الظل الساطع والصوت الصامت للكلام القديم على شكل دنيوي، لكلام الله الذي هو امّ الكتاب، للكلام الذي تحفظه ملائكة كرام في السماء السابعة. ولا بد لكل نبى من دليل على رسالته، ولابد له من معجزة يتحدى بها.. والقرآن هو معجزة محمدy الوحيدة، فاسلوبه المعجز وقوة ابحاثه لا تزال.. الى يومنا يثيران ساكن من يتلونه، ولو لم يكونوا من الاتقياء العابدين، وكان محمدy يتحدى الانس والجن بان يأتوا بمثله، وكان هذا التحدى اقوم دليل لمحمد على صدق رسالته.. ولا ريب ان في كل آية منه، ولو اشارت الى ادق حادثة في
-------------
(1) إميل درمنغم E.Dremenghem: مستشرق فرنسى، عمل مديراً لمكتبة الجزائر، من آثاره: (حياة محمد) (باريس 1929) وهو من ادق ما صنّفه مستشرق عن النبىy، و(محمد والسنة الاسلامية) (باريس 1955)، ونشر عدداً من الابحاث في المجلات الشهيرة مثل: (المجلة الافريقية)، و(حوليات معهد الدراسات الشرقية)، و(نشرة الدراسات العربية)... الخ.
(2) حياة محمد، ص 131 - 132.
(3) نفسه، ص 195.