محاكمات | المقدمة الاولى | 5
(1-90)

والقسم الثاني؛ لا تأثير للتعاون وتلاحق الافكار فيه من حيث الاساس. فالواحد والالف سواء. كالقفز في الخارج من مرتفع الى آخر، او المرور من موضع ضيق. فكل فرد والكل سواء، ولا يجدي التعاون.
فبناءً على هذا القياس:
فان قسماً من العلوم هو كرفع الصخر، بحاجة الى التعاون وتلاحق الافكار. واغلب هذا القسم هو من العلوم المادية.
أما القسم الثاني، وهو الشبيه بالمثال الثاني، فتكمّله دفعي، او شبيه الدفعي. وأغلب هذا القسم هو من المعنويات ومن العلوم الالهية.
ولكن على الرغم من ان تلاحق الأفكار لايغير ماهية هذا القسم الثاني ولا يكمله ولا يزيده، الاّ انه يفيض وضوحاً وظهوراً وقوة في مسالك براهينه.
ويجب ملاحظة مايأتي:
ان من توغل كثيراً في شئ، أدّى به في الغالب الى التغابي في غيره.
فبناء على هذا:
من توغل في الماديات تبلّد في المعنويات وظل سطحياً فيها.
فنظراً الى هذه النقطة:
لايكون حكم الحاذق في الماديات حجة في المعنويات بل غالباً لايستحق سماعه.
نعم، اذا ما راجع مريض مهندساً بدلاً من طبيب، ظناً منه ان الطب كالهندسة. وأخذ بوصفة المهندس، فقد أخذ لنفسه تقريراً بنقله الى مستشفى مقبرة الفناء، وعزّى أقرباءه.
وكذلك مراجعة احكام الماديين في المعنويات التي هي الحقائق المحضة والمجردات الصرفة واستشارة ارائهم وافكارهم، تعني الاعلان عن سكتة القلب الذي هو اللطيفة الربانية، وعن سكرات العقل الذي هو الجوهر النوراني.
نعم! ان الذين يبحثون عن كل شئ في الماديات عقولهم في عيونهم، والعين عاجزة عن رؤية المعنويات.

لايوجد صوت