(رسالة الشيوخ) | الرجاء الاول | 40
(1-82)

يعلم مكاني كي يسعى لخدمتي وتسليتي، نعم لقد كنت في أمسّ الحاجة – ولاسيما في الشيخوخة هذه – الى من هو مثل (عبدالرحمن).. ذلك الفدائي الصادق.. وذات يوم وفجأة سلمني أحدهم رسالة، ما إن فتحتها حتى تبين لي انها رسالة تظهر شخصية (عبدالرحمن) تماماً وقد أدرج قسم من تلك الرسالة ضمن فقرات المكتوب السابع والعشرين بما يظهر ثلاث كرامات واضحة.
لقد ابكتني تلك الرسالة كثيراً ولاتزال تبكيني، حيث يبين فيها (عبدالرحمن) بكل صدق وجدّ انه قد عزف عزوفاً تاماً عن الاذواق الدنيوية وعن لذائذها، وان اقصى ما يتمناه هو الوصول الىّ ليقوم برعايتي في شيخوختي هذه مثلما كنت ارعاه في صغره، وان يساعدني بقلمه السيال في وظيفتي ومهمتي الحقيقية في الدنيا، وهي نشر اسرار القرآن الكريم، حتى انه كان يقول في رسالته: إبعث الىّ ما يقرب من ثلاثين رسالة كي اكتب وأستكتب من كل منها ثلاثين نسخة.
لقد شدتني هذه الرسالة الى الدنيا بأمل قوي شديد، فقلت في نفسي: ها قد وجدت تلميذي المخلص الشجاع، ذا الذكاء الخارق، وذا الوفاء الخالص، والارتباط الوثيق الذي يفوق وفاء الابن الحقيقي وارتباطه بولده. فسوف يقوم – باذن الله – برعايتي وخدمتي، بل حتى انني بهذا الامل نسيت ما كنت فيه من الاسر المؤلم ومن عدم وجود معين لي، بل نسيت حتى الغربة والشيخوخة! بإيمان وكأن عبدالرحمن قد كتب تلك الرسالة في منتهى القوة وفي غاية اللمعان وهو ينتظر أجله، اذ استطاع ان يحصل على نسخة مطبوعة من الكلمة العاشرة التي كنت قد طبعتها وهي تبحث عن الإيمان بالآخرة. فكانت تلك الرسالة بلسماً شافياً له حيث ضمدت جميع جراحاته المعنوية التي عاناها عبر سبع سنوات خلت.

لايوجد صوت