(رسالة الشيوخ) | الرجاء الاول | 42
(1-82)

ولكن على حين غرّة انكشف سرّ الآية الكريمة ﴿كلُ شيءٍ هالكٌ إلاّ وجههُ لهُ الحُكمُ واليه تُرجعون﴾(القصص:88). انكشافاً بيناً بحيث جعلني أردّد: ياباقي انت الباقي.. وبه اخذت السلوان الحقيقي.
اجل!. رأيت نفسي بسرّ هذه الآية الكريمة، وعبر تلك الوديان الخالية، ومع تلك الحالة المؤلمة، رأيتها على رأس ثلاث جنائز كبرى كما أشرت اليها في رسالة (مرقاة السنة):
الاولى: رأيت نفسي كشاهد قبر يضم خمساً وخمسين سعيداً ماتوا ودفنوا في حياتي، وضمن عمري الذي يناهز الخامسة والخمسين سنة.
الثانية: رأيت نفسي كالكائن الحي الصغير جداً – كالنملة – يدب على وجه هذا العصر الذي هو بمثابة شاهد قبر للجنازة العظمى لمن هم بنو جنسي ونوعي، والذيم دفنوا في قبر الماضي منذ زمن آدم عليه السلام.
اما الثالثة: فقد تجسمت امام خيالي – بسرّ هذه الآية الكريمة – موت هذه الدنيا الضخمة، مثلما تموت دنيا سيارة من على وجه الدنيا كل سنة كما يموت الانسان.. وهكذا فقد أغاثني المعنى الاشاري للآية الكريمة ﴿فإنْ تَوَلوا فَقُل حَسبيَ الله لا الهَ إلاّ هو عليهِ توكلتُ وهو ربُّ العرش العظيم﴾ (التوبة:129) وأمدني بنور لايخبو، فبدد ما كنت اعانيه من الحزن النابع من وفاة (عبدالرحمن) واهباً لي التسريَ والتسلي الحقيقي.
نعم لقد علمتني هذه الآية الكريمة أنه مادام الله سبحانه وتعالى موجوداً فهو البديل عن كل شيء، وما دام باقياً فهو كافٍ عبده، حيث أن تجلياً واحداً من تجليات عنايته سبحانه يعدل العالم كله، وان تجلياً من تجليات نوره العميم يمنح تلك الجنائز الثلاث حياة معنوية أيما

لايوجد صوت