عندما رجعت من موطن حزني.. من تلك الوديان، الى (بارلا) حاملاً معي تلك الاحزان، رأيت شاباً يدعى (مصطفى قوله أونلى) قد أتاني مستفسراً عن بعض ما يشغله من مسائل الفقه والوضوء والصلاة.. فرغم انني لم اكن استقبل الضيوف في تلك الفترة الاّ أن روحي كأنها قد قرأت ما في روح ذلك الشاب من الاخلاص، وكأنها شعرت – بحسٍّ قبل الوقوع – ما سوف يؤديه هذا الشاب من خدمات الرسائل النور في المستقبل (1)، لذا لم أردّه وقبلته ضيفاً(2) ثم تبين لي أن الله سبحانه وتعالى قد عوضني بهذا الشاب عن (عبدالرحمن) الذي هو خير خلف لي ويفي بمهمة الوارث الحقيقي في خدمة رسالة النور. وبعث سبحانه وتعالى اليّ (مصطفى) وكأنه يقول: أخذت منك عبداً للرحمن واحداً وسأعوضك عنه بثلاثين (عبدالرحمن) كهذا الشاب (مصطفى) ممن يسعون في تلك الوظيفة الدينية، وسيكونون
---------------------------------------------------
(1) وهكذا فان الاخ الصغير لهذا الشاب (مصطفى) يدعي (علي الصغير) قد أثبت انه (عبدالرحمن) حقاً، بكتابته اكثر من سبعمائة نسخة من رسائل النور بقلمه الطاهر بل قد ربى عديداً من عباد الرحمن.- المؤلف.
(2) نعم فقد اظهر هذا الشاب أنه ليس اهلاً للقبول فحسب، بل هو اهل للاستقبال كذلك. – المؤلف.().
…………………………………………
() هذه حادثة ارويها تصديقاً لحكم استاذي من ان مصطفى، وهو اول تلميذ لرسائل النور اهل للاستقبال: كان الاستاذ يرغب في التجول في اليوم السابق ليوم عَرَفة، فأرسلني لأن أهيء له الفرس، قلت: لاتنزل بااستاذي لغلق الباب فانا سأقفله وسأخرج من الباب الخلفي، قال لي: بل اخرج من الباب.. فنزل واغلق الباب بالمزلاج من ورائي، وصعد الى غرفته يضطجع… وبعد ذلك قدم (مصطفى اونلى) بصحبة الحاج عثمان. وكان الاستاذ لا يقبل يومها أحداً عنده بله ان يقبل في تلك الفترة شخصين معاً! فلا محالة أنه يردهما.. ولكن مصطفى هذا - المذكور في هذا البحث – ما أن أتى الى باب الاستاذ مع الحاج عثمان حتى كأن الباب قد رحب به بلسان الحال قائلاً: ان استاذي لن يستقبلك، ولكني سأنفتح لك فانفتح له الباب المغلق. (نعم ان ما قاله الاستاذ حق حول مصطفى من أنه يستحق الاستقبال والقبول، مثلما أظهر المستقبل ذلك بوضوح فأن باب بيته قد شهد على ذلك ايضاً..) خسرو.
(نعم ان ما كتبه (خسرو) صدق، فأنا اصدقه. فباب البيت الذي اسكنه قد قبل مصطفى واستقبله بدلاً عني). سعيد النورسي.