رائد الشباب | توجيه الشباب | 59
(1-70)

 نعم ان تنقل الذرات عبارة عن الحركات المتولدة من كتابة كلمات القدرة في صحيفة المحو والاثبات المستنسخة تلك الكتابة من الكتاب المبين محمور التصرف في وجود الأشياء في الزمن الحاضر، وعنوان القدرة والارادة الالهية، وذلك وفقاً لما تمليه خطة الامام المبين جماع مقومات اصول الأشياء التي طواها الغيب وفروعها ومميزاتها وعنوان العلم والأمر الالهي(1).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حول الماضي والمستقبل وعالم الغيب – فيكون بمثابة سجل القدر الالهي ومجموعة قوانينه. وحسب ماتمليه هذه القوانين تعمل هذه الذرات في بناء وجود الأشياء وفي تطورها. اما الكتاب المبين فهو ينظر إلى عالم الشهادة أكثر مما ينظر إلى عالم الغيب اي بنظر إلى الحال أكثر مما ينظر إلى الماضي والمستقبل. وهو عنوان القدرة والارادة وسجل لهما. وإذا كان الامام المبين سجلا للقدر فالكتاب المبين سجل للقدرة اي ان نظام الأشياء وشؤوناتها وأحوالها وصنعتها الدقيقة تدل على انها تلبس ثوب الوجود وتأتي من العدم إلى الوجود وتتعين صورها وأشكالها ومقاديرها بقوانين القدرة والارادة النافذة. ويتضح جلياً انه يوجد للقدرة والارادة مجموعة قوانين وسجل محيط به تقدر اشكال الأشياء. وتتعين صورها ويخاط ثوب الوجود وانظر إلى سخافة أهل الغفلة والضلالة والفلسفة فقد أحسوا باللوح المحفوظ للقدرة الفاطرة وبتجليات كتاب الحكمة والارادة في الاشياء وصورته، وسموها باسم الطبيعة. فالقدرة تكتب في صحيفة الزمان – صحيفة المحو والاثبات – آيات سلسلة الكائنات وتخرجها من العدم إلى الوجود وتحرك الذرات وتطورها حسبما يمليه الامام المبين ويراه.

         فاذاً تنقل الذرات هو اهتزازها حينما يكتبها قلم القدرة ويأتي بها من عالم الغيب إلى عالم الشهادة ومن العلم إلى القدرة.

         وأما صحيفة المحو والاثبات التي هي عين حقيقة الزمان فهي سجل اللوح المحفوظ الثابت الذي لايتغير ولايتبدل يقيد فيه مايجري في دائرة الممكنات من الموت والوجود والفناء.

         نعم، كما ان لكل شيء حقيقة؛ فكذلك إن حقيقة الزمان الذي يجري في الكون كنهر عظيم هو انه بمثابة مداد وصحيفة لكتابة القدرة في لوح المحو والاثبات.



(1) جاء ذكر (الامام المبين والكتاب المبين) في القرآن الحكيم في مواضع متعددة. قال بعض المفسرين انها بمعنى واحد، وقال بعض آخر ان معناها مختلف وفسروهما باوجه متضاربة. وقد حصل لي اليقين من فيض القرآن الكريم ان الامام المبين عنوان لنوع من العلم والأمر الالهي ينظر إلى عالم الغيب أكثر مما ينظر إلى عالم الشهادة، وينظر إلى الماضي والاستقبال أكثر مما ينظر إلى الحال. وبعبارة أخرى ينظر إلى أصل الشيء وفرعه وبذره أكثر مما ينظر إلى الشيء نفسه فهو سجل القدر، وقد أثبت وجود هذا السجل في المقالة السادسة والعشرين وفي المقالة العاشرة.

           نعم ان الامام المبين عنوان لنوع من العلم والأمر الالهي. وإنتاج مبادىء الأشياء واصولها وبذورها لها مع اتقانها وحفظ نظامها – يشهد على انها تنظم حسب قوانين سجل العلم وقواعده. كما ان نتائج الأشياء وفروعها وبذورها بما انها تحتوي على برنامج الموجودات التي ستأتي بعد وفهرستها – تدل دلالة قطعية على انها مجموعة صغيرة للأوامر الالهية. مثلا: لنا ان نقول ان البذرة مجموعة للأوامر التكوينية التي تعد برنامج الشجرة وتخط خطة محتوياتها.

         وإذا كان الامام المبين خطة وبرنامجاً لشجرة الخلقة التي تمتد  اغصانها  وفروعها

لايوجد صوت