الآية الكبرى | الشعاع السابع | 102
(1-108)

بالتوكل اغلب العوام البُله الى الثراء والغنى، حتى سار مثلاً:
كم عالمٍ عالمٍ أعيتْ مذاهبُه وجاهلٍ جاهلٍ تلقاهُ مرزوقاً
مما يثبت ان الرزق الحلال لايحصل عليه المخلوق ولايجده بقوة الاقتدار والاختيار، وانما يُعطى له من لدن مرحمة قد قبلت كدّه وسعيه، ويحسن اليه من عند شفقة ورأفة رقّت على احتياجه وافتقاره.
غير ان الرزق نوعان:
الاول: الرزق الحقيقي والفطري للمعيشة، الذي هو تحت التعهد الرباني، وهو مقدّر بحيث ان المدّخر منه في الجسم بصورة دهون او بصور اخرى يمكنه ان يعيّش الانسان ويديم حياته اكثر من عشرين يوماً دون ان يذوق طعاماً. فالذين يموتون جوعاً في الظاهر قبل عشرين او ثلاثين يوماً من دون ان ينفد رزقهم الفطري لاينشأ موتهم من انعدام الرزق، بل من مرض ناشئ من سوء التعود ومن ترك العادة.
والقسم الثاني من الرزق: هو الرزق المجازي والاصطناعي الذي يكون بحكم الضروري بعد أن يدمن الانسان عليه بالتعود والاسراف وسوء الاستعمال. وهذا القسم ليس ضمن التعهد الرباني وتكفله بل هو تابع الى احسانه سبحانه. فاما أن يمنحه او يمنعه.
فالسعيد - في هذا الرزق الثاني - والمحظوظ فيه، هو من يعلم ان السعي الحلال بالاقتصاد والقناعة - وهما مدارا السعادة واللذة - هو نوع من العبادة، وهو دعاء فعلي لكسب الرزق، لذا يقضي هذا السعيد حياته بهناء ويقبل ذلك الاحسان شاكراً ممتناً.
والشقي التعس في هذا الرزق هو من يتخلى عن السعي الحلال بالاسراف والحرص - وهما سبب الشقاء والخسارة والألم - فيقضي حياته بل يهلكها بطرق كل باب بالكسل والتظلم والتشكي.
فكما ان المعدة تطلب رزقاً، فالقلب والروح والعقل والعين والاذن والفم وامثالها من لطائف الانسان ومشاعره هي الاخرى تطلب رزقها

لايوجد صوت