الآية الكبرى | الشعاع السابع | 21
(1-108)

بمعنى ان جريان هذه الانهار؛ هو فوق حسابات الاسباب الظاهرة بكثير، لذا فهي لاتجري إلاّ من خزينة جنة معنوية لا ينضب ومن فيض منبع غيبي لاينفد.
فمثلاً: هذا نهر النيل الذي حوّل صحراء مصر القاحلة الى جنة الدنيا، يجري كبحر صغير دون نفاد، وينبع من جبل واقع في الجنوب يدعى جبل القمر، فلو جُمّعت صرفياته لستة أشهر وجُمّدت، لحصل ما هو اعظم من ذلك الجبل ! والحال ان ما خصّص له من مكان للخزن لايبلغ سُدس ذلك الجبل. اما وارداته فقليلة ضئيلة، حيث ان شحة الامطار وشدة حرارة المنطقة وتعطش الارض، كل ذلك مجتمعاً لايفسح مجالاً للخزن الاّ للقليل، ولايسمح للمحافظة على ميزان وارداته وصرفياته؛ لذا قد روي أنه يجري من (جنة) غيبية هي فوق القوانين الارضية المعتادة. فأفادت تلك الرواية حقيقة لطيفة ذات مغزى عميق جداً.
وهكذا رأى السائح شهادة واحدة وحقيقة واحدة، من آلاف الشهادات والحقائق التي هي واسعة سعة البحار نفسها، وفهم ان جميعها تردد معاً بالاجماع، وبقوة عظمة البحار: (لا إله إلاّ هو) وبرز أمامه شهود بعدد مخلوقات البحار على صدق هذه الشهادة.
ولبيان شهادات البحار والانهار جميعها، أفادت المرتبة الرابعة من المقام الاول ما يأتي:
[لا إله إلا الله الواجب الوجود الذي دلّ على وجوبِ وجوده في وحدته: جميع البحار، والانهار، بجميع ما فيها، بشهادة عظمةِ إحاطةِ حقيقة: التسخير، والمحافظة والادارة الواسعة المنتظمة بالمشاهدة].
* * *

لايوجد صوت