الآية الكبرى | الشعاع السابع | 71
(1-108)

فما دامت حقيقة هذه الالوهية كائنة وموجودة، فلن تقبل إذاً المشاركة معها؛ لأن الذين يقابلون تلك الالوهية (اي المعبودية) بالشكر والعبادة هم ثمرات ذات مشاعر في قمة شجرة الكائنات، لذا فان إمكان وجود آخرين يشدّون انتباه اولئك الشاعرين، ويجذبونهم اليهم، ويجعلونهم ممتنين لهم وشاكرين، محاولين تنسيتهم معبودهم الحق - الذي يمكن أن ينسّى بسرعة لغيابه عن الرؤية ولاحتجابه عن الانظار - مناقض لماهية الالوهية ومناف لمقاصدها القدسية، ولايمكن قبوله إطلاقاً. ومن هنا أفاض القرآن الكريم في رفض الشرك بشدة، وهدد المشركين بعذاب جهنم.
* * *
الحقيقة الثانية: الربوبية المطلقة
ان التصرف العام الشامل من لدن يدٍ غيبية في جميع الكائنات - وبخاصة الاحياء منها - بحكمة ورحمة في تربيتها وفي اعاشتها، اللتين تتمان معاً بالطريقة نفسها، في كل جهة من الجهات، وبصورة غير مأمولة ومتوقعة، مع اكتناف بعضها البعض الآخر، انما هو رشحات وضياء يدل على الربوبية الواحدة المطلقة؛ بل هو برهان قاطع على تحققها.
فما دامت هناك ربوبية واحدة مطلقة فلن تقبل اذاً الشرك، ولا المشاركة قطعاً؛ ذلك لان اهم غايات تلك الربوبية، واقصى مقاصدها هو إظهار جمالها، واعلان كمالها، وعرض صنائعها النفيسة، وابراز بدائعها القيّمة، وقد تجمعت هذه المقاصد جميعها في كل ذي روح، بل حتى في الجزئيات؛ لذا لايمكن أن تقبل الربوبية الواحدة المطلقة الشرك ولا الشركاء إطلاقاً، إذ إن تدخلاً عشوائياً للشرك في أي موجود من الموجودات - مهما كان جزئياً - وفي أي كائن حي - مهما كان بسيطاً او صغيراً - يفسد تلك الغايات، ويبطل تلك المقاصد، ويصرف الاذهان عن تلك الغايات، وعمن أرادها وقصدها، الى الاسباب. وهذا ما يخالف ماهية الربوبية المطلقة تماماً ويعاديها. فلابد

لايوجد صوت