الآية الكبرى | الشعاع السابع | 73
(1-108)

ومعاداته لها وإفساده فيها قد بحث واثبت مفصلاً في (الشعاع الثاني) الذي يبين ثلاث ثمرات للتوحيد وبالاخص في المقام الاول منه مع دلائل قوية قاطعة، فنحيل الى ذلك.
* * *
الحقيقة الرابعة: الحاكمية المطلقة
نعم؛ ان من ينظر نظرة واسعة فاحصة الى الكون، يرى أنه بمثابة مملكة مهيبة جداً؛ في غاية الفعالية والعظمة، وتظهر له كأنه مدينة عظيمة تتم إدارتها ادارة حكيمة، وذات سلطنة وحاكمية في منتهى القوة والهيبة. ويجد أن كل شئ وكل نوع منهمك ومسخر لوظيفة معينة. فالآية الكريمة ﴿ولله جُنودُ السمواتِ والارضِ﴾(الفتح: 7) تشعر بمعاني الجندية في الموجودات التي تتمثل ابتداءً من جيوش الذرات وفرق النباتات وافواج الحيوانات الى جيوش النجوم. كل اولئك جنود ربانية مجندة لله، فنجد في جميع اولئك الموظفين الصغار جداً، وفي جميع هؤلاء الجنود المعظمة جداً، سريان الأوامر التكوينية المهيمنة، وجريان الاحكام النافذة، وقوانين الملك القدوس، مما يدل دلالة عميقة بالبداهة على وجود الحاكمية الواحدة المطلقة والآمرية الواحدة الكلية.
فمادامت الحاكمية الواحدة المطلقة حقيقة كائنة، وهي موجودة. فلابد ان الشرك لاحقيقة له. ذلك لان الحقيقة الجازمة التي تصرح بها الآية الكريمة ﴿لَو كانَ فيهِما آلهةٌ إلاّ الله لَفَسدَتا﴾ (الانبياء: 22) تفيد بأنه لو تدخلت أيدٍ متعددة في مسألة معينة وكان لها النفوذ، لاختلطت المسألة نفسها. فلو كان في مملكة ما حاكمان، او حتى لو كان في ناحية ما مسؤولان، فان النظام يفسد ويختل وتتحول الادارة الى هرج ومرج. والحال أن هناك نظاماً رائعاً جداً، يسري ابتداء من جناح البعوضة الى قناديل السماء، ومن الخلايا الجسمية الى أبراج الكواكب والسيارات، مما لايمكن ان يكون للشرك فيه أي تدخل ولو كان

لايوجد صوت