الآية الكبرى | الشعاع السابع | 75
(1-108)

ثم ان ذلك المسافر الذي لايسكن ولايهدأ خاطب قلبه قائلاً:
ان تكرار اهل الايمان (لا إله إلاّ هو) باستمرار وبخاصة المتصوفة منهم، واعلانهم نداء التوحيد، وتذكيرهم به يبين لنا ان هناك مراتب كثيرة جداً للتوحيد. وان التوحيد هو اهم وظيفة قدسية، واحلى فريضة فطرية، واسمى عبادة إيمانية. فما دام الامر هكذا، فتعال ياقلب لنفتح باباً لمنزلٍ آخر من منازل دار العبرة والامتحان هذه، لنتعرف من خلاله على مرتبة اخرى من مراتب التوحيد؛ لان التوحيد الحقيقي الذي ظللنا نبحث عنه ليس مقصوراً على معرفة نابعة من تصور، بل هو ايضاً ما يقابل التصور في علم المنطق من التصديق الذي هو علمٌ، وهو نتيجة نابعة من البرهان، وهو اسمى من مجرد المعرفة التصورية بكثير.
فالتوحيد الحقيقي انما هو حكمٌ وتصديق واذعان وقبول، بحيث يمكّن المرء من ان يهتدي الى ربه من خلال كل شئ. ويمكّنه من ان يرى في كل شئ السبيل المنورة التي توصله الى خالقه الكريم، فلا يمنعه شئ قط عن سكينة قلبه واطمئنانه، واستحضاره لمراقبة ربّه.
فلو لم يكن الامر هكذا، لأضطر المرء الى ان يمزق حجاب الكائنات ويخرقه - كل مرة - كي يتمكن من التعرف على ربّه !. لذا نادى المسافر قائلاً: هيا بنا إذاً لنطرق باب (الكبرياء والعظمة) ولندخل منزل (الآثار والافعال) وعالم (الايجاد والابداع) .. فما ان ولج هذا المنزل حتى رأى ان هنالك (خمس حقائق محيطة) تستحوذ على الكون وتثبت التوحيد وتستلزمه بالبداهة.

* * *

الحقيقة الاولى

لايوجد صوت