الآية الكبرى | الشعاع السابع | 96
(1-108)

للنعم. وأكرمنا سبحانه بانسانية بحيث نتذوق بآلاتها العديدة - كالعقل والقلب - من هدايا غير متناهية لعالم المادة ولعالم المعنى ما نتذوق. وعلّمنا إسلاماً بحيث يأخذ النور من خزائن غير متناهية لعالم الغيب ولعالم الشهادة. وهدانا الى إيمانٍ بحيث نستفيد به ونتنور بما لايُحصر من أنوار عوالم الدنيا والآخرة وهداياهما. فكأن هذه الكائنات قصر عامر منيف قد زيّن من لدن الرحمة الواسعة بأنفس الاشياء والموجودات، وسلمت بيد الانسان مفاتيح خزائنه ومنازله التي لاتعد ولاتحصى، وأودعت في فطرته جميع الاحتياجات والمشاعر اللازمة للاستفادة من كل ما في القصر.
فرحمة كهذه التي تحيط بالدنيا وبالآخرة معاً، وبكل شئ. لابد أنها تجلٍ من تجليات (الاحدية) في تلك (الواحدية) . أي كما ان احاطة ضياء الشمس وشموله جميع الاشياء المقابلة لها مثال بارز على (الواحدية) فان أخذ كل شئ شفاف ولماع حسب قابليته ضياء الشمس وحرارتها والالوان السبعة التي فيها وانعكاساتها، مثال على (الاحدية) . لذا فان الذي يرى ضياء الشمس المحيط للعالم يحكم بأن شمس الارض واحدة، وانه بمشاهدته اِنعكاس ضياء الشمس ذي الحرارة من كل شئ براق، حتى من القطرات، يتمكن ان يقول بأحدية الشمس، أي أنها قريبة من كل شئ بصفاتها، فهي في مرآة قلب كل شئ.
فكما ان الامر في المثال هكذا - ولله المثل الاعلى - فان احاطة رحمة الرحمن ذي الجمال اِحاطة شاملة، كالضياء، تظهر واحدية ذلك الرحمن وعدم وجود شريك له في اية جهة من الجهات، وان وجود تجليات أنوار اكثر اسماء ذلك الرحمن، ونوعاً من تجلٍ لذاته المقدسة في كل شئ، ولاسيما في كل ذي حياة وبخاصة في الانسان - بما منحه الرحمن تحت ستار رحمته الواسعة الجامعة من حياة جامعة لكل فرد بحيث تمكنه ان يتوجه بها الى الكائنات كافة وينسج علاقات وروابط معها - يثبت احدية ذلك الرحمن سبحانه، وحضوره لدى كل شئ، وأنه ( هو ( الذي يعمل كل شئ لأي شئ كان.

لايوجد صوت