لما كان هذا الامام الهمام يقول كذا، وان إزدياد قوة الايمان ولو بمقدار ذرة هو أثمن من اطنان من كسب المعارف والكمالات، بل هو ألذ وأطيب مائة مرة من حلاوة الاذواق والوجد. وحيث ان الاعتراضات والشبهات المتراكمة حول الايمان والقرآن - التي تثيرها فلاسفة اوروبا منذ ألف سنة - قد وجدت سبيلها الى قلوب المؤمنين، فيهاجمون بها اهل الايمان، ويحاولون بذلك زعزعة الاركان الايمانية التي هي اساس السعادة الابدية، ومدار الحياة الباقية، ومفتاح الجنة الخالدة. فلابد إذاً - وقبل كل شئ - أن نزيد إيماننا قوة ونحوّله من ايمان تقليدي الى ايمان تحقيقي.
فهيا بنا ايتها النفس لنسرْ قدماً مع هذه المراتب الايمانية التسع والعشرين التي وجدناها، والتي كل منها راسخة رسوخ الجبل الاشم قاصدين إيصالها الى عدد الاذكار والتسبيحات المباركة للصلاة وهي الثلاث والثلاثون. فلنطرق باب الادارة والاعاشة الربانية في عالم الاحياء الذي يترقرق عبراً وعظات، ونفتحه بمفتاح (بسم الله الرحمن الرحيم) كي نرى المنزل الثالث ونشاهد ما فيه...
فطرق السائح باب المنزل الثالث الذي هو محشر العجائب ومجمع الغرائب، طرقه بكل استرحام ورفق ولطف، ومن ثم فتحه بـ(بسم الله الفتاح) فبدا له المنزل الثالث ودخل فيه، ووجد أن هناك أربع حقائق عظمى محيطة تنير ذلك المنزل وتكشف التوحيد وتبينها كالشمس الساطعة.
* * *
الحقيقة الاولى: وهي حقيقة (الفتاحية)
أي انفتاح ما لايحد من الصور المنتظمة المتنوعة المختلفة بتجلي اسم (الفتاح) من مادة بسيطة جداً، وانكشافها معاً في كل طرف من انحاء العالم، وفي آن واحد، وبفعل واحد.
نعم، كما ان القدرة الفاطرة قد فتحت الموجودات المختلفة غير