ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع السابع | 225
(146-253)

يضطر الى القول: (ان الذي خلق هذه الاشياء هكذا، هو الذي أوجد الكائنات قاطبة) ؛ لأن ما نراه امام أعيننا - مثلاً - من تدلي ما يقارب عشرين عنقوداً من العنب، من هذا الغصن الصغير النحيف، كل عنقود منه يحمل ما يقارب المائة من الحبات اللطيفة واللباب المعسلة، وكل حبة من تلك الحبات مغلفة بغلاف رقيق لطيف ملوّن زاهٍ، وتضم في جوفها الناعم نوى صلدة حاملة لتواريخ الحياة ومنهاجها.. نعم، ان خلق كل هذا وغيره في جميع العنب وامثاله - وهي لاتعد ولاتحصى - على وجه البسيطة كافة، بالدقة نفسها، والحكمة عينها، وايجاد تلك الصنعة الخارقة المعجزة باعدادها الهائلة في وقت واحد، وعلى نمط واحد، ليثبت بالبداهة ان الذي يقوم بهذا الفعل ان هو الاّ خالق جميع الكائنات، وان هذا الفعل الذي اقتضى تلك القدرة المطلقة والحكمة البالغة، ليس الاّ من فعل ذلك الخالق الجليل.
نعم ان القوى العمياء والطبيعة الصماء والاسباب التائهة المشتتة، لايمكن لها ان تمد أيديها وتتدخل في ذلك الميزان الرقيق الحساس، بالمهارة البالغة، والانتظام الحكيم لتلك الصنعة، بل هي تستخدم وتسخّر بامر رباني في الافعال الربانية، فهي ذات مفعولية وقبول، بل ليست الاّ ستائر وحجباً مسخرة بيده سبحانه.
وهكذا فكما تشير هذه الآيات الثلاث الى حقائق ثلاث، وتدل كل منها على التوحيد بثلاث نكات، فهناك ما لايُحد من الافعال الربانية وما لايحد من تجليات التصرفات الربانية، تدل متفقة على الواحد الاحد وتشهد شهادة صادقة على ذات الواحد الاحد ذي الجلال والاكرام.

* * *

لايوجد صوت